محمد بلقاسم – “بالجهد والتضحية يمكنك أيضا الوصول إلى هناك، إفعل ذلك، الأمر يستحق”.. هذه العبارة موجودة عند مدخل “لاماسيا” على صورة يظهر فيها جوسيب موسونس أحد أبرز مدراء المدرسة تاريخيا إلى جانب غيليرمو آمور، ألبيرت فيرير وجوزيب غوارديولا، وهم الذين نجحوا في الوصول إلى الفريق الأول وحققوا العديد من الإنجازات، صورة قد يراها الجميع عادية لكنها بالنسبة لأبناء “لاماسيا” ليست كذلك، لأن الأمر يتعلق بـ فيرير و”بيب” اللذين لعبا نهائي دوري أبطال أوروبا لسنة 1992 وتوجا باللقب مع المدرب الأسطوري يوهان كرويف، ما أصبح مصدر إلهام كبير جدا للكثيرين مثل بويول، تشافي، إنييستا، بوسكيتس، ميسي وغيرهم.
قبل اللقب الأوروبي الأول لـ”البلاوغرانا” بحوالي 30 عاما وتحديدا في يونيو 1961 فاز إنريك لوديت برئاسة النادي لأنه أطلق وعداً مهما للأعضاء والمتمثل في إنشاء مدرسة حقيقية لكرة القدم في برشلونة والهدف من ذلك تقديم الفريق الأول في المستقبل بلاعبين من أبناء الفريق والذين يتم تدريبهم على أسلوب النادي وأفكاره وهو ما أصبح يُعرف في وقت لاحق بـ DNA البارصا، وبعد الكثير من المصاعب التي أدت حتى إلى إغلاق المدرسة لأسباب مالية، عاد الحلم بقدوم المدرب رينوس ميتشيلز من أياكس أمستردام والذي يُعرف بأنه الأب الفعلي للكرة الشاملة التي تطورت لتصبح “تيكي تاكا” بمفهوم الإسبان، هذا المدرب تعاقد مع يوهان كرويف في أبرز صفقاته مع البارصا لتبدأ العلاقة الحقيقية بين المدرسة الهولندية ونظيرتها الكتالونية.
في عام 1979 بدأ المشروع الفعلي لأكاديمية برشلونة الكروية في المبنى العتيق “لاماسيا”، وبقدوم كرويف في عام 1988 كمدرب، تأكد الجميع أن الأمور ستكون مختلفة تماما، ففي الخامس من شهر مايو من ذات العام بدأت قصة “العرّاب” بتصريح قال فيه لصحيفة “موندو ديبورتيفو”: “أنا أذكى من ذي قبل”، ليبدأ في تطبيق فكرته الشهيرة على الفريق الأول وأيضا الفئات الشبانية ومفادها أن “اللاعب يمتلك الكرة لمدة 3 دقائق في المتوسط خلال المباراة، ولذلك فإن الأهم هو ما يفعله طيلة الـ 87 دقيقة المتبقية وهي المدة التي تحدد ما إن كان اللاعب جيدا أم لا”.
في “لاماسيا” يتم تدريبهم على هذا المبدأ، فـ كرويف جاء لتثبيت أفكار ميتشيلز وقال: “هناك كرة واحدة فقط ويجب أن تكون أنت من يمتلكها”، وفي 8 سنوات كمدرب وضع أسس البارصا الحديث وصنع “الدريم تيم” الذي منح الكتالان أول مجد أوروبي في أفضل المسابقات، لكن الحلم لم يتوقف هنا، ففي العام 2000 أدلى لويس فان غال بتصريح سخر منه الكثيرون حين أكد أنه يحلم بالفوز بدوري الأبطال مع البارصا بـ 11 لاعبا من المدرسة، حلم صعب لكنه تحقق بطريقة أخرى مع غوارديولا سنة 2009 حين دخل نهائي “روما” بتشكيلة تضم 7 من أبناء الأكاديمية، ليتكرر نفس المشهد في نهائي ويمبلي سنة 2011، أما الحدث الذي لن ينساه جميع الكتلان فكان في نوفمبر 2012 أمام ليفانتي، فبداية من الدقيقة الـ 14 دخل مونتويا مكان ألفيس لتصبح تشكيلة البارصا مكونة فقط من أبناء “لاماسيا”.
طالما اعتبر الكتلان نادي أياكس مرجعا لهم، فـ 61% من لاعبي هذا النادي في سنوات المجد بين (1970-1973) كانوا من أبناء الأكاديمية، فيما كان أبناء “لاماسيا” يُمثلون 63% من اللاعبين الذين أستخدمهم غوارديولا في حقبته الذهبية، وبعدها بسنوات وتحديدا في فيفري 2017 كانت مدرسة البارصا تملك 30 لاعبا في أندية البطولات الخمس الكبرى منهم 7 لاعبين في تشكيلة لويس انريكي، رقم كبير ولكن التساؤلات وقتها كانت تدور حول الجودة وما إن كانت “لاماسيا” ستمنح “البلاوغرانا” فريقا آخر خرافي، وعندما بدأت آمال الكتلان في التلاشي تغيرت الأوضاع بعد فيروس كورونا واليوم ها هو برشلونة يقدم للعالم ملامح نجوم جدد من أبناء المدرسة، في تأكيد لإحصائية معهد Cies الذي أوضح أن البارصا هو ثاني أكثر الفرق استخداما للاعبين أقل من 21 عاما في البطولات الكبرى، وبجانب “قدامى لاماسيا” برز في لقاء ليفانتي نيكو غونزاليس، غافي وبويغ بشكل لافت، أما أنسو فاتي فأكد للجميع بدخوله إثر غياب طويل أن “المدرسة” لا تزال هنا وأن الرقم 10 لن يزول برحيل “ليو”.