كان نادي إشبيلية حتى عام 2002 نادياً عادياً لا أحد يعرفه أو يعترف به كقوة كروية، فأخر لقب حمله قبل ذلك يعود إلى عام 1948، والفريق في عام 2000 احتل المركز الأخير في الدوري الاسباني وهبط إلى الدرجة الثانية، وفي موسم 2001-2002 عاد النادي الأندلسي للبطولة، ولم يكن سوى فريق يصعد ويحاول البقاء.
في 27 مايو 2002، أعلن رئيس إشبيلية روبرتو آليس استقالته لأن الجماهير لم تقتنع به أبداً للهبوط في زمنه ولخروج اللاعبين الذين يعولون عليهم، فجاء بدلاً منه رجل صنع اشبيلية وهو خوزيه ماريا دل نيدو، محامٍ أندلسي، ليكون ذلك اليوم أفضل ما جاء في تاريخ نادي اشبيلية لما سيحدث بعده.
دل نيدو بدأ المهمة متعاقداً مع لاعب الفريق السابق مونتشي كمدير رياضي، ولم يستمع للأصوات المطالبة برحيل المدرب قليل الخبرة في الدرجة الأولى آنذاك خواكين كاباروس، فأصبح الفريق تحت قيادته سريعاً جزءاً من البطولات الأوروبية محتلا مراكز مؤهله للدوري الأوروبي مواسم 2003-2004، 2004-2005، ليفوز بعدها بلقب الدوري الأوروبي 2005-2006 كأول لقب قاري في تاريخ النادي، ويوقف بالتالي جفاف الألقاب ويفتح صفحة تاريخية جديدة.
في أول مواسم دل نيدو كان شراء دانييل ألفيس من باهيا البرازيلي مقابل نصف مليون يورو فقط وهو دليل تفوقه الساحق في البرازيل، حيث جلب لاحقاً خوليو بابتيستا وادريانو وريناتو بأسعار زهيدة أيضاً، وبعد ذلك واصل الاهتمام بالأكاديمية والحرص على الشباب فقدم أسماء مثل سيرجيو راموس الذي باعه إلى ريال مدريد مقابل 21 مليون جنيه استرليني وخوسيه رييس الذي باعه لاحقاً لنادي ارسنال مقابل 17 مليون جنيه استرليني وخيسوس نافاس الذي باعه إلى مانشستر سيتي مقابل 15 مليون جنيه استرليني.
في صيف موسم 2004-2005 جلب اشبيلية لاعب الوسط ريناتو ولاعب برشلونة الحالي أدريانو مقابل 2 مليون جنيه استرليني فقط مقابل الاثنين، كما أن النادي حرص على ترفيع الشباب الجدد كل موسم بإشراف مباشر من الرئيس دل نيدو وتنفيذ ممتاز من المدير الرياضي مونتشي.
في صيف ما قبل موسم 2005-2006، باع اشبيلية سيرجيو راموس والوحش البرازيلي بابتيستا إلى ريال مدريد مقابل 41 مليون جنيه استرليني، وفي المقابل تعاقد النادي مع لويس فابيانو وكانوتيه وماريسكا وسافيولا والحارس أندرياس بالوب والمدافع الصلب إيفيكا دراغوتينوفتش مقابل 20 مليون جنيه استرليني.
ذلك السوق كانت سوق التاريخ كله لاشبيلية، فالفريق عالج كل النقص وكل الأسماء الجديدة ساهمت بالمجد الأوروبية، وكانت العين الثاقبة بتعيين خواندي راموس الذي عرف كيف يدير الفريق، وعرف كيف يحصد لقبي دوري أوروبي متاليين، وفاز اشبلية أيضاً مع دل نيدو بلقبي كأس ملك اسبانيا وكأس السوبر الأوروبي لمرة واحدة وكأس سوبر اسبانيا أيضاً لمرة واحدة، لتكون بلا جدال أفضل فترة في تاريخ النادي.
دل نيدو أحد المساهمين الرئيسيين في ملكية نادي اشبيلية، وعرف عنه حربه الشعواء ضد احتكار ريال مدريد وبرشلونة لحقوق البث التلفزيوني حتى تم وصفه بتشي جيفارا الدوري الإسباني، قبل أن يتوقف عن الرئاسة في عام 2013 للحكم بالسجن عليه 7 سنوات، في قضية لا تتعلق أبداً بالنادي الأندلسي، وإنما كانت قضية فساد في بناء أحد المنتجعات.
رسخ دل نيدو قاعدة قوية في اشبيلية لإدارته بنجاح رغم قلة موارده، نجح الفريق من خلال ما بناه هذا الرجل في الموسم اللاحق من الفوز بلقب الدوري الأوروبي، والآن الكرة في ملعب الرئيس خوسيه كاسترو كارمونا والإدارة المستمرة في العمل بأن لا تضيع هذا العمل الكبير، بل تبني عليه ليستمر المشروع الذي لم يفد فقط إشبيلية، بل الكرة الإسبانية بشكل عام.