الأفريقي الذي هز عرش أفضل لاعب في العالم

محمد عواد – كووورة – عرفت القارة السمراء العديد من النجوم الذين حققوا الألقاب الكبرى في القارة الأوروبية، وفرض ابن هذه القارة نفسه على مدى السنوات الأخيرة نداً للاعب الأوروبي واللاتيني.

وساهم كثيرون من الأفارقة بإنجازات لا تنسى، فسجل نهائي دوري الأبطال العديد من أسمائهم على قائمة المسجلين، وتصدر أبناء القارة الفقيرة سلم ترتيب الهدافين في أهم البطولات الأوروبية، ووصل واحد منهم فقط لجائزة أفضل لاعب في العالم.

ذلك الفريد من نوعه كان جورج ويا، الرجل الذي اكتشفه واشتراه أرسن فنجر عام 1988 لنادي موناكو قادماً من تونير ياوندي الكاميروني، ومن هناك بدأ مسيرة خرافية وصلت إلى حد الفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم وجائزة الكرة الذهبية عام 1995، وحل كثاني أفضل لاعب عام 1996، وهو الذي مثل ميلان وباريس سان جيرمان أيضاً، وفاز بعديد الألقاب الفردية الأخرى أهمها جائزة هداف دوري أبطال أوروبا.

وما زال جورج ويا حتى يومنا هذا اللاعب الإفريقي الوحيد الذي فاز بجائزة أفضل لاعب في العالم، ويصنف لدى كثير من متابعي كرة القدم كأفضل موهبة أفريقية عرفتها أوروبا والعالم، ولكن السنوات الأخيرة هزت هذا العرش، وخلقت اسماً مرشحاً بقوة للمنافسة، ألا وهو ديديه دروجبا.

وعد مورينيو .. فأوفى دروجبا
عندما تعاقد جوزيه مورينيو مدرب تشلسي مع ديديه دروجبا عام 2004 قادماً من مرسيليا مقابل 24 مليون جنيه استرليني، انتقد الصحفيون تلك الصفقة ووصفوا قيمتها بالمبالغة واستعراض العضلات المالي من النادي الذي كان قد اشتراه حديثاً رومان أبراموفيتش.

يومها خرج جوزيه مورينيو وقال  “لا تحكموا عليه الآن، بل احكموا عليه عندما يخرج من تشلسي”، دروجبا الذي امتدح مورينيو في الماضي بقوله “إنه يعرف المستقبل”، يبدو أن جوزيه كان يريد إثبات مقولة الإيفواري له شخصياً، فعندما رحل في صيف 2012 كان بطلاً فوق العادة، فقد ودع فريقه بعد أن أهداهم  لقب دوري الأبطال، وكان أيضاً من أعطاهم كأس الاتحاد الإنجليزي في ذلك العام بتسجيله في النهائيين.

لا تحكموا عليه الآن .. أرقامه تليق بأسطورة
سيكون من المجحف بحق ديديه دروجبا الحكم على مستواه الآن، فاللاعب يبلغ من العمر 36 عاماً، وكثيرون متفقون على أن مورينيو استعاده ليكون اللاعب الخبير في غرفة تغيير الملابس أكثر من دوره في أرض الملعب، لكن الإصابات فرضت عليه اللعب ورغم ذلك فإنه يسجل ويحاول.

أرقام ديديه دروجبا مع تشلسي تتحدث عن نفسها، فقد أحرز 157 هدفاً في 341 لقاء خلال فترته الأولى، كما أنه صاحب 65 هدفاً دولياً رفقة منتخب ساحل العاج، وهو الفائز بلقب الدوري الإنجليزي 3 مرات ولقب دوري أبطال اوروبا مرة واحدة ولقب كأس الاتحاد الإنجليزي 4 مرات.

تكتيكياً .. حكاية أخرى
الأرقام وحدها لا تكفي للتحدث عن قيمة ديديه دروجبا، فالإيفواري يتم اعتباره أحد أذكى رؤوس الحربة في العصر الحديث من حيث تطبيق أوامر المدربين ومساعدة الزملاء، فما زال برشلونة يذكر المعاناة التي خلقها لهم ذهاباً باصطياده هدفاً، وقيامه بأدوار مميزة ذهاباً وإياباً قتلت اللقاء في أكثر من لقطة.
أدوار ديديه ساعدت كثيراً أسطورة البلوز فرانك لامبارد على تسجيل الأهداف باعتراف الأخير، فأوجد له المساحات ليسدد بشكل مريح أكثر، وشاهد اليابانيون ما يستطيع هذا اللاعب أن يفعله خلال كأس العالم الأخيرة  رغم تقدمه بالعمر ، عندما نزل احتياطياً ليفتح المساحات أمام من يرغب بالتسجيل من فريق بلاده.
ظلمه زمانه فقد هز عرش أفضل لاعب في العالم
قد يكون جورج ويا أفضل من ديديه دروجبا من حيث الموهبة الفطرية والمهارة الفردية، لكن ما فعله ديديه دروجبا سواء من حيث الألقاب أو الإنجازات هز عرش اللاعب الليبيري بقوة، ورشح نفسه لدى كثيرين ليكون أفضل لاعب في تاريخ أمم أفريقيا.
جورج ويا كموهبة لا يناقش فيها أحد، لكنه استفاد من وصوله قمة مستواه في ظل فراغ كروي من حيث النجوم، فقد نافسه آنذاك على جائزة الأفضل أسماء مثل يورجن كلينسمان وباولو مالديني، على العكس من ديديه دروجبا الذي جاء في عصر سيطر في بدايته رونالدينيو ثم احتله ميسي ورونالدو، ليكون دوماً بعيداً عن الواجهة، خصوصاً أنه أفريقي فالاستثناء هو جورج ويا وليس القاعدة.
ليست القضية إن كان دروجبا أفضل من جورج ويا أم لا، وإن كان يستحق لقب الأفضل في تاريخ القارة السمراء، لكن الفيل الإيفواري بالتأكيد هز عرش نظيره، وأعطى لعشاقه الأسباب ليجادلوا به، ويبررون نظرتهم له ملكاً لملوك أفريقيا.
محترف حقيقي
امتاز دروجبا عن غيره من النجوم الأفارقة الذين عاصروه أمثال صامويل إيتو بأنه محترف حقيقي، فهو قليل المشاكل ملتزم بفريقه، لم يتم رصد مخالفات كثيرة له، إضافة لرضاه الدائم بأي شيء يخدم المجموعة التي ينتمي إليها.
وضرب دروجبا أفضل مثل بأن الاحتراف كمبادىء ليس حكراً على اللاعب الأوروبي فقط، وأن الأفريقي قادر على التعمير في قمة مستواه، وليس أوضح دليلاً على ذلك من هدفه في نهائي الأليانز الأرينا ودوره الكبير في أبطال 2012 عندما كان يبلغ من العمر 34 عاماً، فأن يعيش اللاعب بهذا المستوى حتى هذا العمر أمر لا يأتي إلا من التزام مطلق بكرة القدم وقواعدها الاحترافية.
تابع جديدنا على الفيسبوك:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *