إسلام البشبيشي – بعد الإعلان عن توليه مهمة جديدة في عالم الساحرة المستديرة، مستعينين به كي يكون المنقذ الوحيد لقميص الأحمر الإيطالي، حاملاً معه عشق الماضي بذكريات الكالتشيو المثيرة.
“جوزية مورينيو”، الرجل الذي ينعته مريديه بـ لقب “السبيشال وان”، حيث يحمل في عالمه الكروي تفاصيل وجينيات خاصة، تجعله فريداً بالمقارنة بغيره، فعند وصول الشغف داخل أروقة البرتغالي، وتلمس ما حوله، كانت كرة القدم شيئاً أساسياً في المنزل الى جانب أسماك السردين، فعمه ماريو ليدو كان آنذاك يترأس نادي فيتوريا سيتوبال، الكيان الذي يحمل إسم المدينة التي عاش بها جوزيه مع والديه، والتي تبعد عن جنوب العاصمة لشبونة، بـ48 كيلومترا.
“السبيشال وان”، كان يعيش في منزل عمه وبمستوى معيشي مرتفع نوعاً ما مع امتلاك العم لمزارع لسمك السردين، وكونه مؤيداً للنظام السياسي في البلاد، أثناء سنوات الستينات بقيادة الدكتاتور انتونيو دي اوليفيرا سالازار.
لم يكن هذا الصبي البرتغالي، يمتلك روح ثورية أو مشاكسة سياسية، وأيضاً لم يدخن أو يحتسي الكحول في نشأته لكنه تعرض لصدمة قاسية بعد سقوط النظام الحاكم في بلاده، إثر ثورة القرنفل منتصف السبعينات، “أي عندما كان في سن الـ حادي عشر”، فقدت عائلة والدته أغلب ممتلكاتها بينما كان الأب مجرد لاعبا لكرة القدم لا ينال المال الكافي للعودة مجدداً، ليعودوا إلى المستوى المعيشي الذي كانوا عليه، حتى وإن كانت شهرته شهدت تصديه لركلة جزاء من اللاعب الاسطوري إيزيبيو في أول مباراة خاضها المهاجم الاسمر في الدوري البرتغالي.
هذه المرحلة أثرت في شخصية الصغير مورينيو، وكانت بمثابة درساً تعلم منه الكثير، “كما يؤكد النجم الارجنتيني خافيير زانيتي الذي لعب تحت قيادة البرتغالي في الكالتشيو بقميص انتر ميلان سابقا حيث قال :”أعتقد بأنه أكتسب منها بعضاً من ملامح طريقة عمله كالإنتباه إلى التفاصيل وتفادي أن يعتمد نجاحه على الحظ”.
البرتغالي العنيد صمم على دخول عالم الساحرة المستديرة، رغم إدراكه مبكراً مدى قسوتها، فهو يتذكر تلقي والده -المدرب انذاك- قرار الإقالة من منصبه في ليلة الميلاد “الكريسماس” لأن نتائج ناديه بدات بالتراجع رغم أنه قاد فريق ريو آفي للصعود إلى دوري الدرجة الممتازة في البرتغال وخوض نهائي مسابقة الكأس، تلك الحادثة يذكرها جوزيه لاحقاً رغم أنه يزيد جرعة الدراما بإضافة أنه كان في الثامنة أو التاسعة من عمره ينظر لحزن والده في يوم من المفترض أن يحمل فرحة العيد وقرب بدء عام جديد، كان مورينيو في سن الـ21 وقتها.
*جوزيه والتقارير الرياضية
“السبيشال وان” وجد نفسه ملازما دائما لوالده مع الفريق التي يقوده، وبات يجهز تقارير استطلاعية عن المنافسين لمعرفة طريقة تعطيل خططهم الهجومية.
في هذه المرحلة فشل البرتغالي في اجتياز امتحان الرياضيات، وبات من الصعب القبول في كلية التربية البدنية، ليستسلم أمام رغبة والدته، بالانخراط في كلية إدارة الأعمال لكن ليوم واحد فقط!، ليعيد الكرة مرة أخرى ويدخل امتحان الرياضيات مجدداً، وبعد نجاحه دخل كلية التربية البدنية في عاصمة البلاد.
أعجب الشاب البرتغالي بأسلوب أستاذه في تلك الجامعة، الذي يسمى “البروفيسور مانويل سيرجيو”، إذ كان يؤكد أن نجاح المدرب ليس متعلقاً فقط بمواد التربية البدنية التي يدرسها بل أيضاً عليه أن يكون متحدثاً جيداً وملماً بعلم النفس بل أنه قدم لتلاميذه محاضرات في المشاعر الانسانية وكيفية التاثير والتلاعب بها وهي أمور أثارت إنتباه جوزيه لدرجة وصف بها البروفيسور تركيزه عليها بمثابة “قط يتلاعب بالفار في مصيدة”.
*معلم بدني
وبعد حصوله على الشهادة الجامعية في 1987 بدأ مسيرته كمعلم للتربية البدنية في عدة مدارس بالبلاد مع تخصصه في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة بنشاطاتهم الرياضية.
وفي العام الثاني له بعد حصوله على الشهادة الجامعية، سافر إلى أسكتلندا لنيل أولى شهادته التدريب من الإتحاد الأوروبي للعبة ثم عاد ليصبح مدرباً للناشئين في نادي فيتوريا سيتوبال -حيث كان والده سابقا مدربا له- وهذه المرة تعرف على مانويل فيرنانديز مدرب الفريق الأول، تنقل معه لاحقاً مدرباً لعدة أندية ثم عندما أصبح فيرنانديز مساعداً لبوبي روبسون في نادي سبورتنغ لشبونة كان جوزيه يصبح مترجما للانجليزي وأكثر.
*مترجما من البرتغالي إلى الإنجليزية
لم يكن “السبيشال وان”، مترجماً حرفياً لـ تعليمات المدرب تجاه اللاعبين، من البرتغالية إلى الإنجليزي وحسب، بل كان يعيد صياغتها بطريقة كروية تجعلها واضحة للاعبين ما جعل روبسون يعجب به ويجعله إلى جانبه لاحقا في بورتو يناير 1994 عندا تولى الدفة الفنية له.
الشيء الذي جعل روبسون المدرب يمضي ساعات طويلة يناقش الأمور التكتيكية مع جوزيه، حيث كلفه بإلقاء مهمة تحضير الحصة التدريبية للفريق إلى جانب إعداد ملفات استكشاف للمنافسين وبات يمتلك صوتاً أعلى في الجانب الفني رغم أن أوغستو إيناسيو هو من يشغل منصب المدرب المساعد فكانت النتيجة الطبيعية: استقالة إيناسيو.
*مورينيو في برشلونة
أصبح مورينيو قريباً للغاية من روبسون، وبالتحديد عندما تولى تدريب برشلونة بعد اقالة يوهان كرويف، وبحسب ما يصفه بعض لاعبي برشلونة في تلك الفترة فان البرتغالي كان يتابع كل التفاصيل، ويحافظ على النظام 100% وفي كل الاوقات، كان مدركاً لأهمية رباعية اللاعبين الكبار في الفريق وهم؛ – جوارديولا، لويس انريكي، سيرجي، أبيلاردو؛ وقدرتهم على التأثير بباقي الزملاء، مشاعره نحو بيب قد تكون أقرب للاحترام المتبادل في تلك الفترة.
وبين لاعبو البرسا بين شوطى مباراة نهائي مسابقة كاس الملك لعام 1997، أرادوا تعديل التكتيك الذي يلعب به الفريق ضد ريال بيتيس بعد التعادل 1-1 في النتيجة وناقشوا ذلك جانباً مع مورينيو تاركين المدرب روبسون يتابع من بعيد، ربما شخصية الإنجليزي لم تكن دكتاتورية وسمح للاعبيه بحرية التعديل في المباريات، مهما يكن فإن التعديلات نجح بمنح برشلونة الفوز 3-2 واللقب.
*مورينيو وفان غال
وبعدها قامت الإدارة الكتالونية بالاستغناء عن روبسون، وتم التوقيع مع بديله الهولندي فان غال بغض النظر عن نتائج الانجليزي مع الفريق الكتالوني، في مشهد آثار غضب مورينيو من إبعاد “معلمه” واطلاقه الشتائم خلال الاجتماع الذي جرى بحضور المدرب الجديد والقديم ورئيس النادي فإنه استمر لعامين في كتالونيا إلى جانب فان غال، وأن كان بدور فني اقل سطوة معه.
*المحطة الأولى بنفيكا
في عام 2000، استطاع البرتغالي جوزيه مورينيو أن يستلم اول مهمة تدريبية له، “كمدرب أول”، رفقة نادي بنفيكا وبعدها يونياو ليريا ثم بورتو في 2002 والبقية كما أصبح “السبيشال وان”.