رحيل جو هارت وبرافو وتسلسل زمني
حارس برشلونة كلاوديو برافو إلى مانشستر سيتي خلال ساعات، الأمر الذي يترتب عليه رحيل جو هارت خلال ساعات تالية إلى فريق آخر، في حين يبقى تير شتيجن حارساً متوجاً على عرش مرمى البرسا من دون منافس حقيقي أو قلق على مركزه.
كيف تسارع كل ذلك في ساعات قليلة؟
كان هناك ديوك متعايشة في برشلونة، كان الـ MSN منسجماً بشكل رهيب من دون مشاكل، رغم رغبة كل منهم بإثبات أنه أفضل، كما كان هناك حارسان متعايشان؛ أحدهما توج بكوبا أمريكا وقدم مونديالاً مميزاً، وآخر عليه رهان كبير بأن يكون حارس المانيا الأول ما بعد مونديال روسيا 2018.
مع اقتراب الموسم من بدايته، باتت لحظة الحقيقة تلوح بالأفق، كلاوديو برافو تأكد أن موقفه سيتغير الموسم المقبل، فعلى الأغلب سيكون حارساً للكأس فقط، في نفس الوقت كان القرار الذي قلب كل شيء سريعاً، جو هارت احتياطياً ولا يحتاجه جوارديولا … وكأنه يقول لكلاوديو برافو “تعال هنا، وسوف تكون رقم 1 في كل البطولات”.
هذا الإغراء مهم، فالجميع يعرف أن اللعب مع فريق يدربه جوارديولا، يعني فرصة التتويج بالألقاب، وأخذ الاهتمام العالمي، وبرافو يعرف أنه سيكون حارساً ثانياً يتوج بالألقاب مع برشلونة، لكن مع السيتي سيكون حارساً أول يفعل ذلك.
موقف برافو لم يكن كل شيء بتسريع الموقف، بل إن قرار جوارديولا الشجاع بوضع جو هارت احتياطياً، كان رسالة واضحة لا تقبل الشك، بأن برافو سيبدأ حالما يصل إلى ملعب الاتحاد.
ويمكن فهم قرار جوارديولا برحيل جو هارت، فالحارس أظهر تذبذبا مرعباً في السنوات الأخيرة، يجعل من الخطأ الرهان ببداية مشروع جديد عليه، لأن خطأ واحد منه قد يضيع بطولة.
القصة بدأت مع طلب شتيجن باللعب أكثر
القصة بدأت مع تصريحات تير شتيجن ووكيل أعماله عن ضرورة لعبه لوقت أطول، فانقطاعات التمثيل للأبطال والكأس لا تفيده كحارس شاب كي يتطور، ودقائق أكثر تعني تجربة أكبر، يحتاجها ليثبت ما توقعه منه الجميع منذ أيامه الأولى في مونشنجلادباخ؛ بأنه يستطيع أن يكون الأفضل في العالم.
خلال مباريات الكأس، لا يبدأ تير شتيجن يشعر بالخطورة إلا في نصف النهائي تقريباً، وباقي المباريات تكون من باب ضرورة وجود حارس بين قائمي برشلونة، وأما في الأبطال فهناك 6 مباريات في الدور الأول تمضي بلا ضغوط أول توتر، وثم يبدأ العمل، أي أنه فعلاً يواجه التحدي المتقطع، ومن يعرف كرة القدم جيداً .. يعرف أن التحدي هو أهم فرصة لتطوير اللاعب.
هذا الطلب وضع إدارة برشلونة في مأزق، فهي إما تقول له “لا”، وعندها سيتقدم كثيرون للتعاقد معه بمبالغ مالية ممتازة سواء من حيث الصفقة أو من حيث الأجر، أو تقول له “نعم” وعندها سيتم خلق مشكلة مع كلاوديو برافو؛ وعلى الأغلب كان هناك توقعات إدارية بأن يبقى الحارس التشيلي، لأنه شخصيته تبدو أكثر قابلية للاحتواء، وهو الأمر الذي لم يحدث.
مالياً واقتصادياً .. برافو أفضل كي يرحل
طلب شتيجن، ورفض برافو، الأمر الذي وضع إدارة برشلونة أمام خيارين : بيع الألماني أو التشيلي!
يتقاضى تير شتيجن أجراً أقل من كلاوديو برافو حالياً، وعلى الأغلب سيطلب عقداً جديداً بعد عامين من عقده الذي قبل فيه بأجر أقل من أجل إثبات الجودة، وإلا فإنه يستطيع الحصول على ضعف راتبه بسهولة من أي فريق في إنجلترا.
كما أن عمر تير شتيجن 24 عاماً مقابل 33 عاماً لكلاوديو برافو، كاستثمار للمواسم المقبلة، كان لا نقاش بأن رحيل الأكبر أفضل للفريق، خصوصاً في ظل تعقيدات السوق المالية، فالأسعار التي تزداد جنوناً من موسم إلى آخر، تعني منطقياً أن برشلونة لو وافق على رحيل شتيجن الآن، فسوف يحتاج لشراء حارس فريق أساسي بعد عامين مقابل 100 مليون يورو، لأن برافو سيبلغ من العمر 35 عاماً آنذاك.
فنياً .. ربما أدرك إنريكي أن تجربة ثبات الحراس أفضل من مداورتهم
منذ قام كارلو أنشيلوتي بالمداورة الشهيرة بين دييجو لوبيز وكاسياس، رأى لويس إنريكي بالفكرة حلاً وسطاً لفريقه في الموسم التالي، وللمصادفة فقد حصل على الألقاب كلها ،في حين خذلت المدرب الإيطالي الإصابات وإلا لتوج هو الأخر بثلاثية بنفس الأفكار.
المداورة التقليدية كانت قبل هذا الموقف بين البطولات المهمة وغير المهمة، أي حارس أساسي يلعب في الدروي ودوري الأبطال، وحارس آخر يلعب في بطولة الكأس والمباريات المحسومة في دوري الأبطال بعد التأهل، وربما بطولات السوبر وما شابه ذلك.
لم يكن قرار أنشيلوتي فنياً، بل كان على أساس سياسي بحت، فلا بد من إرضاء الإعلام الإسباني بجعل كاسياس يبدو مهماً بعد رحيل جوزيه مورينيو ،ولا بد من إرضاء المنطق والمتابع العادي بوضع دييجو لوبيز يلعب، خصوصاً أن الأخير كان قد ختم أخر موسم للسبيشال وان بشكل رائع.
حراسة المرمى ليست مجرد حارس يتصدى للكرات، فهذا الدور في العاب الفيديو، لكن هناك دور مهم للحارس يتلعق بالتفاهم مع الدفاع، وتنظيم الصفوف، ولك أن تتخيل وضع ماسكيرانو وبيكيه مثلاً يلعبان السبت مع كلاوديو برافو، ثم يلعبان بعد 3 أيام مع شتيجن، وعليهما التفاهم مع الطرفين، الأمر الذي يزيد من صعوبة مهمة المدافعين كما يمنع الحارس من الوصول لقمة مستواه، ولو نجحت التجربة في بعض الفترات لأن برشلونة يلعب كرة هجومية بحتة تجعل من مسؤوليات الدفاع داخل الصندوق عادة أقل من مسؤولياته خارجه.
المشروع الشاب يقول شتيجن!
أمر أخر لا بد من الانتباه له كان يحدث طوال الصيف، وانعكس بالنهاية على القرار ببقاء تير شتيجن ورحيل كلاوديو برافو.
المشروع الحالي في البرسا يبدو مشروعاً طويل الأمد، فبرشلونة جلب 4 لاعبين “مع استعادة دينيس سواريز” مقابل 80 مليون يورو، يتميز هؤلاء كلهم بأن عمرهم 22 سنة، وكأن هناك رسالة واضحة بأن الاستثمار الحالي هو مشروع جديد طويل الأمد.
مثل هذا التوجه الإداري، سواء كان صحيحاً أو خاطئاً في النهاية، يجعل من الطبيعي والسهل على أصحاب القرار أن يكون حكمهم النهائي “رحيل برافو وبقاء شتيجن”، ما دام كان لا بد من الاختيار بينهما!
تابع الكاتب على شبكات التواصل:
سناب شات : m-awaad