محمود وهبي – سأبدأ المقال بكلمات تلخّص الحالة الغريبة والفريدة لتوماس مولر، كلمات للكاتب الألماني أولي هيسّه، والذي نشرت له صحيفة (ذا جارديان) الإنجليزية عام 2016 مقالاً تحت عنوان السفّاح المتواضع، وبدأه كما يلي: توماس مولر لا يستطيع أن يهزمك بالسيطرة على الكرة، ولا بسرعته، ولا بمهاراته الفردية.. لكنه يهزمك فقط.
قد يخيل للبعض أن مولر محدود الإمكانيات، فهو ليس باللاعب المهاري، وهو ليس في فئة اللاعبين الأسرع، وليس في فئة الأقوى بدنياً، لكن ما يميّز مولر باختصار أنّه يملك شيئاً كافياً من كل شيء، ويجيد كل شيء، وهذا ما يفسّر مسيرته اللامعة منذ أن وضع بصمته الأولى مع بايرن عام 2009، وحتى يومنا هذا.
أسرار نجاح مولر كثيرة، ولن أغوص في الأمور الفنية والتكتيكية كثيراً، لا بل سأتّجه مباشرة إلى سلاحه الأقوى، أي سلاح المجموعة، فهو لم يبحث يوماً عن الأرقام الشخصية أو حائط الإنجازات الفردية، وهدفه كان دائماً نصرة فريقه، وغياب هتافات الجماهير في زمن كورونا سمح لنا بسماع صراخ اللاعبين والمدربين، ومولر هو أكثر “المثرثرين” في مباريات بايرن، وأكثرهم توجيهاً ودعماً لزملائه.
السلاح الثاني الذي يملكه مولر هو الشخصية، فهو لم يكفّ يوماً عن التطور والاجتهاد ليحافظ على شخصية الفائز، وهذا يفسّر البطولات الكثيرة التي لم يحققها سوى قلة من اللاعبين في التاريخ، ويفسّر ولادته من جديد وصعوده إلى القمة مجدداً بعد خفوت نجمه تحت إدارة أنشيلوتي، كبوته الشخصية في المونديال الروسي، ووصوله إلى القاع مع كوفاتش، وأرقامه المذهلة مع فليك لا تشير أبدأً إلى لاعب تجاوز عتبة الـ 30 عاماً، وقيل عنه في أحد الأيام أنّه انتهى.
ربما لا يكون توماس مولر المثال الأعلى للجيل الصاعد، وهو ليس اللاعب الذي ينتظره عشاق المتعة والمهارة من المشجعين، لكن أي مدرب يحلم بأن يكون لديه مثل مولر في فريقه.
على الهامش: كل المدربين.. إلا يواكيم لوف!