محمد عواد – نزل الاستحواذ من عرشه الذي توج عليه إعلامياً، بات انتقاده متكرراً، ووصل انتقاده لحد المدربين والنجوم، ففرانز بيكنباور سخر منه، في حين علق أنشيلوتي بأن كرة القدم فيها الاستحواذ وفيها المرتدات، وردد كثيرون بعد فوز ريال مدريد على بايرن ميونيخ بأن الاستحواذ ليس بذلك المعيار المهم.
وعاد انتقاد الاستحواذ إلى الواجهة بقوة هذا الموسم مع معاناة برشلونة وخسارته لقبين بشكل أكيد حتى الآن، فبات الكلام مباحاً في صحف كتالونيا عن ضرورة التفكير بتغيير الفلسفة.
الاستحواذ كان ما بين 2009-2012 مصطلحاً للتغني به، كانت الإشادة دوماً ببرشلونة واستحواذه، فتم وصف فكر جوارديولا بالثوري، ووصفه بعض ممن ينتقدونه اليوم بأنه “من كوكب أخر”، وحتى في مطلع الموسم كان استحواذ بايرن المتزايد محط اهتمام وتقدير، فتم تداول مقاطع فيديو لآلية استحواذ العملاق البافاري وفرضه أسلوبه، وكل ذلك تهاوى مع هدف كوكي في شباك برشلونة، ثم هدف بنزيما في البايرن.
وعند النظر إلى فلسفة الاستحواذ فإنها فلسفة منطقية قائمة على قول كرويف “بأن لا أحد يستطيع تهديد مرماك ما دمت تمتلك الكرة” ، أي أن منطلقها دفاعي وليس هجومي على العكس من الاعتقاد السائد، لكن هذه الفلسفة تعتمد فاعليتها على قول أخر لجوارديولا “بناء الهجمة من مسافة 40 متراً أفضل من بنائها من مسافة 80 متراً”، وبالتالي فإن الاستحواذ يصبح فاعلاً حسب المؤمنين به عندما يصاحبه قطع كرات مبكر، وهذا ما يفتقر إليه برشلونة حالياً، وهو ما تراجع مع بايرن ميونيخ في عام 2014 فانهارت فكرة الاستحواذ لأنها خسرت جانبها التي ترتكز عليه في الفعالية، وهو الجانب الدفاعي.
في الماضي كان برشلونة يستخلص الكرة من الخصم بعد 7 ثواني فقط، ثم بدأ هذا الزمن يتزايد ومعه تراجعت النتائج، وبات يسهل على الخصوم الخروج من منطقتهم نحو مرمى البارسا، فزاد عدد الأهداف المتلقاة، كما زاد اضطرار المدافعين لتشتيت الكرة بدلاً من الصعود بها كماهو مفترض في فكر الاستحواذ… هذا الأمر ذاته ينطبق على بايرن ميونيخ، الذي تظهر خطورته الحقيقية ولمساته الجارحة عندما يسترد الكرة بسرعة، وعندما يمنع الخصم من الخروج من منطقته، وعندما يفشل بذلك يتم انتقاد الاستحواذ.
وعند الحديث عن مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونيخ في الأليانز أرينا يوم الثلاثاء، فإن بيب جوارديولا يعرف جيداً بأن انتصاره لا يتوقف على فاعلية مهاجميه، بل على فعالية خط وسطه ومدافعيه باسترداد الكرة بسرعة ومنع سريعي الريال من الصعود بها إلى منطقة مانويل نوير، وإن نجح في ذلك سيكون قطع شوطاً نحو الانتصار، وإن فشل فقد يدفع الثمن غالياً.