في مكتب عملي، أضطر كثيراً لمشاهدة دقائق من لعبة الكريكيت، للحديث مع الزملاء، والاندماج معهم فيما يهمهم، وقبل أيام كانت مباراة الهند وباكستان، وهذه بمثابة كلاسيكو اللعبة، وأكثر مواجهة مشاهدة في هذه الرياضة على مستوى العالم.
ظهير جلياً أن الزملاء من باكستان محبطين، يصرخون، في حين ظهر لي من دون أن أعرف كيف اقرأ النتيجة المعقدة رغم محاولاتي العديدة فهمها، بأن الهند تنتصر، لكن ولأن بعض الأمور لا تحتاج لخبراء، كنت أشاهد لاعبي باكستان مرعوبين، لا يعرفون التقاط كرات سهلة ولا مجال للخطأ فيها حتى لواحد مثلي لم يلعب قط.
صديقي الباكستاني سألته صباح اليوم “لماذا هذا؟”، فأجابني “المنتخب مر بمرحلة تغيير، لكن الاختيارات كانت بناء على تدخلات سياسية، ورجال فاسدون وضعوا المقربين منهم ليمثلوا البلد، فكانت الخسارة الكبيرة، والأداء الكارثي”.
كان ردي “هذا الأداء سيء، شاهدت أناساً في الشارع يؤدون أفضل منهم في الكريكيت، بالنسبة لي السبب واضح، هم يلعبون وهم يعرفون أنهم لا يستحقون، صحيح سرقوا حق غيرهم، وكتبوا خوضهم هذا اللقاء في سيرهم الذاتية، ومثلوا أمام الناس استحقاقهم، لكن في داخلهم، يعرفون الحقيقة، لذلك ارتعشت أيديهم”.
في هذه الحياة، قد يستطيع أحدهم أن يراوغ، يسرق حق غيره، قد يستطيع أن يمثل أنه سعيد، بل يتباهى بذلك أمام غيره، لكنه عندما ينظر إلى المرآة، فلن يرى إلا قزماً مهما كانت ثروته أو منصبه.
قد يقول أحدهم “فليكن، نحن في عالم فاسد، ومن حقي النجاح بأي طريقة”، وهنا اعتراضان؛ الأول فإن هذا ليس نجاح، بل سقوط يعتقده الآخرون نجاحاً، وثانياً قد يعيش مرتاحاً مالياً أو اجتماعياً بسبب نيلك ما لا تستحقه، لكنه لن ينام يوماً راضياً عن نفسه، لأنه سيتذكر بداياته، كلما أراد التفاخر … إلا لو كان هناك مشكلة عميقة في عقله تمنعه من إدراك ذلك.
* مسودة أحد مقالات “أكبر مما يعتقدون (2)
تابع الكاتب على الفيسبوك وتويتر:
سناب شات : m-awaad