The United Way… كابوس المدربين فهل يحوله رانغنيك إلى حُلم جميل؟

محمد بلقاسم – “لكي تفهم معنى The United Way يجب أن تفهم The Busby Babes”، هكذا وصف إيريك كانتونا أحد أساطير مانشستر يونايتد أسلوب هذا العملاق الكروي، وصف بسيط ولكنه عميق جدا في الوقت نفسه، خاصة بالنسبة لعشاق “الشياطين الحمر” وأيضا كل محبي تاريخ الساحرة المستديرة بكل ما يحمله من إثارة وقصص، وبعد هذا الوصف أكد كانتونا أن “أسلوب اليونايتد” هو “الإستقرار”، وفعلا عند النظر لأنجح المدربين في تاريخ هذا الفريق، نجد السير مات باسبي الذي أشرف على النادي بين 1945 و1969، فقاد الفريق في أزيد من 1100 مباراة وحقق إنجازات كبيرة رغم كارثة ميونيخ الشهيرة وأبرزها دوري أبطال أوروبا سنة 1968، وبجانب باسبي لا يختلف اثنان في كون السير أليكس فيرغسون هو أفضل مدرب في تاريخ النادي على الإطلاق، وعلى غرار مواطنه فقد قاد “الشياطين” طيلة 27 عاما ليترك بيتهم يعيش معاناة تلو الأخرى من 2013 وإلى اليوم.
 في كثير من الأحيان، يصف الإنجليز “أسلوب يونايتد” بالأمر الغامض الذي يشكل كابوسا للمدربين، فعند الحديث عن الـ”تيكي-تاكا” ودون الدخول في تعقيداتها التكتيكية، نجد أن الجميع يفهمون المقصود من الوهلة الأولى، أما الحديث عن طريقة اليونايتد فلها ارتباطات أبعد من الجانب التكتيكي وهذا ما يجعلها معقدة أكثر، ويشرح بوبي تشارلتون أسطورة الفريق جزءا من فكرة “أسلوب اليونايتد” بقوله: “تحدث معي مات باسبي قائلا: كل من في الملعب لديهم وظائف مملة، لذا عليك أن تمنحهم شيئا يستمتعون به عندما يأتون لمشاهدتك يوم السبت، هذا هو أسلوبنا”، أما عن رأي هؤلاء المشجعين اليوم فيقول “شون بونس” أحد أشهر عشاق اليونايتد: “نحن نهاجم، نحاور الفوز بأناقة وذوق، نعم، نلعب بجناحين، ظهيرين، لاعبي خط وسط مهاجمين، ولكن في الحقيقة، أسلوبنا أكبر من ذلك بكثير، إنه حالة ذهنية تقريبا”.
بقراءة الفقرة السابقة تتجلى أمامك فكرة واضحة عن “أسلوب اليونايتد” الذي اشترطه ملاك الفريق في المدرب المقبل، فهذا الفريق ولد ليلعب كرة هجومية جميلة تماما مثلما قال براين روبسون قائد اليونايتد سنوات الثمانينات وبداية التسعينات: “أسلوب اليونايتد رائع للمشاهدة، إنه هجومي”، وفعلا لطالما استمتعت جماهير “أولد ترافورد” بتمريرات سكولز، سرعة غيغز، فنيات كريستيانو، جودة كانتونا، عرضيات بيكام، لدغات نيستلروي، أهداف روني وفان بيرسي، قتالية فيديتش، قيادة كين، شغف فيرديناند ونيفيل، والأهم روح الجميع داخل الملعب، فكما قال المناصر الشهير “بونس”، فإن أسلوب اليونايتد أكبر بكثير من اللعب الهجومي، بل هو حالة ذهنية والتي تبدو غائبة من أيام مويس.
وبعد الحديث عن أسماء كثيرة، تبين وفقا لآخر الأخبار أن الألماني رالف رانغنيك هو من سيتولى تدريب اليونايتد بشكل مؤقت، الأمر الذي يسانده الكثير من عشاق الفريق كون المدرسة الألمانية رائدة الآن في التدريب والأمثلة كثيرة، كما أن رانغنيك لخص فكرته في التدريب بقوله: “يجب أن يكون للمدرب تصورا وفكرة واضحة لأسلوب اللعب، وبعدها يعمل على نقل تلك الأفكار لعقول اللاعبين وعقولهم وأجسادهم”، ويقول في تصريح رائع: “إذا كنت تريد زيادة سرعة لعب فريقك، عليك التركيز على تطوير عقولٍ أسرع بدلا من أقدامٍ أسرع”، هذا ما يوحي فعلا بأنه سيعمل على مشروع مطول يتناسب وما يُعرف بـ The United Way، ولكن بطريقة رانغنيك “عاشق التفاصيل” وصاحب القرارات الجريئة ومن أبرزها تدريب هوفنهايم سنة 2006 في الدرجة الثالثة، ليصعد به إلى الدرجة الأولى في عامين، وهو ما ليس بغريب على من عُرف بمقولة: “فلسفتي واضحة، السيطرة على المباراة”. 
تكتيكيا يهتم رانغنيك كثيرا بدور اللاعب وتحركاته في الملعب بدلا من الرسم التكتيكي في حد ذاته، فهو يفكر بعقل قدوته لوبانوفسكي ويُجسد بعقل ملهمه “أريغو ساكي”، أما الأهم فهو يركز على الضغط العالي واللعب السريع والمباشر، ورغم ذلك فهو لا يجد مانعا في تطبيق الخطة “ب” بتوسيع الملعب والبناء من الخلف بالتحول عادة للعب بـ 3 مدافعين وتعزيز الوسط لإيجاد مساحات مناسبة في منطقة المنافس بدلا من التركيز على اللعب العرضي، أما في حال فقدان الكرة فإن استرجاعها بسرعة يعتبر أمرا مقدسا لدى رانغنيك وهو ما يصنع الفارق حتما بالنسبة لأنجح الفرق، وحسب الألمان فإن هذا الرجل متطلب للغاية ولا يفكر إلا في كرة القدم، ولذلك فإن سقف التوقعات والطموحات سيرتفع كثيرا في “أولد ترافورد”، ولن يكون هناك مكان للمتخاذلين أو أصحاب القلوب الباردة في غرف ملابس “الشياطين الحمر”، فهل سينجح ابن شتوتغارت في تحويل كابوس “أسلوب اليونايتد” إلى حُلم جميل؟.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *