محمد بلقاسم – عندما بلغ ريال مدريد حاجز 6 ألقاب في دوري أبطال أوروبا، وعندما كان في حوزة ميلان والإنتر لقبين لكل فريق، وعندما ظفر مانشستر يونايتد بأول لقب في ذات البطولة، لم يكن باريس سان جرمان قد تأسس بعد، وقتها كان نادي ريمس هو الفريق الفرنسي الوحيد الذي لعب نهائي دوري الأبطال مرتين، وبعد تأسيس البي اس جي كانت محاولات الفرنسيين أوروبياً محتشمة قبل أن ينجح أولمبيك مرسيليا في التتويج باللقب التاريخي سنة 1993 أمام “الروسونيري”، ومن يومها لم يهدأ لنادي العاصمة بال، ليبدأ حلم التتويج الأوروبي بشكل حقيقي بعد قدوم المشروع القطري الذي وصل إلى حد التعاقد مع الأسطورة الحية ليونيل ميسي في صفقة أقل ما يقال عندها أنها صادمة.
إثر تتويج “لوام” بعامين فقط وصل نادي العاصمة إلى نصف نهائي دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخه، محطة اعتبرها عشاق النادي إنجازاً كبيرا خاصة وأن التأهل من ربع النهائي جاء على حساب الوصيف برشلونة ومدربه الأسطوري يوهان كرويف، أما نصف النهائي فكان أصعب بكثير رغم أحلام الباريسيين بسيناريو مثير، وقتها لم ينجح جورج ويا ببراعته، جينولا بمكره الكروي ولا “راي” بسحره البرازيلي في تجاوز عتبة البطل ميلان بقيادة كابيلو، فغادروا المنافسة بكثير من الآلام، لكنهم رفعوا التحدي وأغرقوا عاصمة فرنسا بالأحلام.
انتهت حقبة التسعينات بتتويج في كأس الكؤوس ولقب ثان في الدوري الفرنسي، وبدلاً من السير في نسق تصاعدي محلياً وأوروبياً، كان البي اس جي يواجه مصيراً مختلفاً للغاية، وكانت أفراحه محصورة في منافسة كأس فرنسا، وما فشل في تحقيقه رونالدينيو لم ينجح فيه آخرون، إلى أن جاء المشروع القطري بقيادة الخليفي، فتجسدت السيطرة المحلية ولكن الحلم لا يزال أكبر من “الليغ 1″، بل أكبر من الوصول إلى نهائي الأبطال، ولذلك فإن السبيل الوحيد هو تشكيل “غالاكتيكوس” جديد مركزه نجم مضيء من الأرجنتين، وحتما ستخضع معه “ذات الأذنين” ولو بعد حين.
عندما تحدث لأول مرة من باريس قال ليو: “حلمي هو رفع دوري الأبطال مجدداً وأعتقد أنني في المكان المناسب لتحقيق ذلك”، هنا أكد للجميع أن الحلم مزدوج، وأوضح للخليفي أن هذا الموسم هو المنعرج، فإما الفرج وإما الخيبة والحرج، وفي النهاية تبقى القضية رياضية والمسألة كروية، واللقب الأوروبي لا يبتسم فقط للنجوم والمجرات، بل يخضع لمن يملك الجودة والروح ويقاتل لإثبات الذات، وفي “حديقة” باريس هناك العديد من الأمراء، ولكن الملك لا تختلف عليه الآراء، وإن نجحت توليفة بوكيتينو لمساعدته على الانفجار، فإن القارة العجوز ستخضع كرهاً أو طواعية، لأنه وببساطة “هنا ميسي وليس نيمار”.
في برشلونة انهمرت دموع الفراق والحزن، كانت الحقيقة صادمة ولا أحد توقع ذلك السيناريو، فكان لسان حال “الكوليز”: “Leo, we will MESSI you”، بعدها بساعات انطلقت الطائرة إلى عاصمة الملائكة والجن، هنا باريس، هنا سيُنثر الفن، هنا سيصبح برج إيفل في المقام الثاني لأن القادم هو أعجوبة العالم الثامنة، هنا تغيرت القوانين ولم يعد الرقم “ثلاثين” حكراً للحراس، بل حمله معشوق الملايين، هنا أشرق الصباح بضوء من شمس علم الأرجنتين، وبعد اليوم لا مكان للمآسي، هنا باريس. ici c’est messi.