ليس استاداً فقط، بل مركز رياضي وترفيهي شامل، بسعة 60 ألف متفرج بكلفة متوقعة 450 مليون دولار حسب صحيفة اليوم السابع، ولنادٍ عريق لا نقاش بنجاحاته التاريخية، ولا بشعبيته الجارفة، ولا بتمثيله حالة ثقافية خاصة أكثر من كونه نادي كرة قدم فقط، إنه مشروع استاد الأهلي الجديد، أو المشروع الحلم الذي اقترب.
منذ تم الإعلان عن المشروع، وأنا أحاول التوسع بقراءتي في دراسات اقتصادية ورياضية عن ملاعب سابقة تم إنشاؤها وأثرها على مختلف الجوانب في مناطقها حول العالم، لأفهم كيف سيؤثر هذا الملعب المتوقع استقباله الجماهير خلال 3 سنوات إن سارت كل الأمور على خير، وكيف فكر المسثمرون بالمشروع.
مصادر التمويل والاستثمار المنطقي في استاد الأهلي الجديد
كما هو معلوم، تحدث البعض عن أن التمويل من حكومات دول عربية أخرى، ولكنه أمر تم نفيه لاحقاً بشكل واضح، مع التأكيد من كافة الأطراف المعنية على أن المشروع استثماري بحت، ولأنه يتطلب سيولة كبيرة في وقت قصير، فكان لا بد من مجموعة مستثمرين وليس جهة واحدة فقط.
450 مليون دولار ليس رقماً بسيطاً لملعب في منطقتنا العربية، وهو بالتأكيد استثمار يحتاج أشخاص واثقين بأن أموالهم لن تذهب سدى، ولذلك احتاجوا غطاء طرف ثالث متمثل بالاتحاد العربي لكرة القدم، لضمان تعاملهم وتقريب وجهات نظرهم من خلال طرف محايد، وجعل الأمور أكثر ثقة.
مما أذكره لرئيس يوفنتوس الحالي أنيللي قوله “لدى اليوفي 300 مليون مشجع حول العالم، لو حققنا 2 يورو فقط من كل مشجع، يجب أن نصل لدخل 600 مليون يورو، وبالتالي أنا لست سعيداً بأرقام النادي الحالية”.
في الفقرة السابقة لم أخطىء ونقلت فقرة من موضوع إلى أخر، بل هي حسبة بسيطة أردت وضعكم في صورتها، لو كان هناك 50 مليون شخص مرتبط بكرة القدم في مصر عبر الأهلي بمشاهدته، ولا أقول هنا مشجع له حتى لا أدخل في نقاشات لا تنتهي، فإن تحقيق دولار واحد عن كل واحد فيهم سنوياً، يعني وصول عائد الملعب إلى 500 مليون دولار في 10 سنوات، أي تحول المشروع لربحي نظرياً، و10 سنوات لمثل هذه المشاريع ليست فترة طويلة، مع اعتقادي أن تحوله للربحية سيكون أسرع، لأن معدل الدولار المذكور متحفظ للغاية.
والدولار هنا لا يعني أن يذهب المشجع للملعب، بل يشمل حقوق الاسم، حقوق الإعلانات في الملعب التي يشاهدها المشجعون، أساليب ترويجية جديدة من حوله، بالإضافة للمرافق الثقافية والترفيهية المعلن عنها، وارتفاع قيمة النادي بشكل عام في حسابات الترويج والشراكات.
لماذا هذا التعقيد بالحسابات؟ ليكون واضحاً للجميع أن ملعب للأهلي، يستحق الاستثمار، ويستحق الإقدام عليه، ليس فقط لعراقته وحب جماهيره له ومكانته الكبيرة، بل إنه مشروع جاذب، احتاج فقط لشخص جريء محايد يطرح الفكرة، ويقنع المستثمرين ويقرب وجهات النظر مع الأهلي.
#ستاد_الأهلي_الجديد والإيجابية الملموسة
عندما قرأت في الهاشتاج الخاصة بالملعب الجديد في تويتر، وجدت إيجابية ملموسة، وهذا عنصر مهم لقياس مزاج الجمهور قبل الإقدام على الاستثمار.
كثيرون من جماهير الأهلي أعلنوا فخرهم بهذا الملعب، وتحدثوا عن الحلم الذي تحقق، ولم أجد شخصاً يعترض على الملعب كفكرة، لأن الطبيعي أن يملك الأهلي ملعبه الخاص في النهاية.
مثل هذه الإيجابية، تجعلك تتوقع من مشجع الأهلي أن يفضل مشاهدة الفيلم في سينما قرب ملعبه، ولا يتردد بمشاهدة المباريات هناك، وتصبح زيارة إحدى مبارياته بمثابة الهدايا لطفل أهلاوي من عائلته في الأعياد والمناسبات.
الأثر الاقتصادي على النادي والدولة
لا تقوم الأندية ببناء الملاعب في أوروبا من أجل تنشيط اقتصاد بلادها، لكنها تفعل ذلك من أجل تنشيط اقتصادها كأندية، وتعمل على تطورها المستمر، في حين أن اقتصاد البلاد له خطط أخرى أوسع، وإن كان بناء ملعب وإدارته لاحقاً مع مرافقه له أثر بالتأكيد على الحراك الاقتصادي في أي دولة.
الأهلي سيكون قادراً من ناحية منطقية على تمويل ذاتي مستمر، وملعب ناجح بمرافقه وبإداراته، سيعني دخلاً أعلى، وارتباطاً جماهيرياً أقوى، وارتفاعاً في قيم كل عقود النادي مع رعاته وشركائه، مما يعني قدرة النادي على جلب لاعبين أفضل بشكل مستمر، ويعطيه القدرة على عمل مبادرات جديدة تعود بالفائدة عليه وعلى جماهيره ومجتمعه.
هذا الأمر لا نقاش فيه، ولا نقاش بحدوثه، أما بخصوص البلاد، وبما أن جمهور الأهلي معظمه مصري، فلن يكون هناك تنشيطاً سياحياً ملموساً كالذي يحدث مثلا مع ملعب كامب نو، ربما سنرى بعض الجماهير العربية تضع زيارة الملعب ومتحفه ضمن خططها، لكن لن يكون الأمر دافعاً للزيارة، إلا أنه سيخلق فرص جديدة للعمل في المجمع الرياضي والثقافي الجديد بكل مكوناته، وسوف يكون هناك فرص عمل خلال البناء، وسوف يكون له فائدة في تنشيط المناطق المحيطة فيه تجارياً.
لكن أثر الملاعب على اقتصاد البلاد محدود حول العالم، لذلك يقول الخبراء في دراساتهم عن الملاعب، إنهم ينصحون الحكومات بعدم تمويلها وإنفاق استثماراتها في مكان آخر، لكن عليها أن تسهل وتشجع الأندية على بناء هذه الأندية من استثماراتها الذاتية.
الفخر الأهلاوي .. هل له فائدة؟
في تقرير عن أهمية الملاعب، نشره قسم الدراسات في البنك الفيدرالي المركزي – سانت لويس، أشار إلى أن الملاعب تمثل حالة من الفخر والكبرياء لجماهير الأندية والمدينة التي ينتمي لها، وأن لها أثر واضح على الثقة الفردية لهؤلاء، وشعورهم بالثقة بالنفس والانتماء!
يبدو الربط غريباً، لكنه ملموس عندما نتخيل شعورنا بنجاح أحد أبناء بلادنا في رياضة ما، وقرأت يوماً دراسة ربطت بين الفوز بكأس أمم أوروبا وارتفاع انتاجية موظفي البلاد الفائزة لمدة 3 أشهر بعد حمل اللقب بنسبة تقارب 5% إن لم تخني الذاكرة.
هذا الفخر الأهلاوي التي شعرته بالهاشتاج قبل وجود الملعب، سيكون موجوداً بشكل أوضح حالما يتم انشاؤه، والشعب المصري مبادر ومبتكر، لذلك سنرى من شبابه أفكاراً يتم نسجها حول الملعب الجديد، وسوف يشعر المشجع الأهلاوي بذلك الفخر الذي سيؤثر على إيجابيته ولو قليلاً في حياته اليومية ، وفي كل ذلك فوائد تعود على المجتمع.
الأثر الرياضي
خطوة جديدة في المنطقة العربية وجريئة، تجعل من الأندية قادرة على التصرف بحرية فيما يتعلق بمبارياتها والأنشطة المتعلقة فيها، تماماً مثلما يحصل في أوروبا.
كما أن وجود الأكاديمية، والتجهيزات للمعسكرات، سيكون لها أثر إيجابي على الفريق وتطوير مواهبه، ووصول لاعبي الفريق الأول إلى الجاهزية بأسرع وقت.
ومن شأن وجود ملعب للأهلي، إعطاء الكرة المصرية دفعة جديدة، يبحث فيها المنافسون عن أفكار للرد على هذه الخطوة، وفي هذا الحراك فائدة مضمونة على اللاعبين والأجواء الكروية.
حتى يوم الانطلاقة
الإعلان عن الملعب حقق ردة فعل إيجابية من الجماهير، وتم احتواء أي معترض بالإجابة عن أسئلته أو اتهاماته، لكن يجب أن أعترف بأنه يحق للمواطن العربي أن يبقى متشككاً تجاه أي مشروع يتم الإعلان عنه في بلاده، حتى يراه حقيقة.
للحفاظ على حالة الزخم الإيجابي، وطرد تلك الشكوك، يتوجب على إدارة الأهلي الشفافية بكل خطوة قادمة تتعلق بالملعب مهما كانت بسيطة، ويتوجب عليها حشد التغطية الإعلامية الجيدة لهذه الخطوات، مما يحافظ على الزخم حتى موعد الانطلاق.
3 سنوات مسافة طويلة في عصر السوشيال ميديا قد تجعل الناس تنسى أو تغير مواقفها ، لذلك لا بد من خطة إعلامية واضحة بجانب خطة التشييد والإنشاء، تسمح بإنطلاق الملعب ومرافقه بافضل أجواء ممكنة.
ما بعد الانطلاقة، لا أشعر بالقلق، فما دام هناك مستثمرون، سيكون هناك خطط ترويجية وتسويقية وترفيهية، تسمح بتحول هذا الملعب وما حوله، إلى مركز كامل، يجذب الشباب ليس فقط لمشاهدة المباريات، بل لكافة أشكال النشاطات.
روابط مهمة:
– معلومات عن لاعبين
– معلومات عن الأندية