محمد بلقاسم – “أعد الجماهير بأن أجعلهم فخورين بفريقهم”، تصريح ثقيل لتشافي يجعلني أقول قبل المضي في الكتابة، ما أشبه اليوم بالأمس، ففي أول مؤتمر صحفي لـ جوزيب غوارديولا مع النادي الكتالوني خاطب الجماهير قائلا: “لا أعدكم بتحقيق البطولات، لكنني أعدكم بتكوين فريق تفتخرون به”، وقتها ورث “بيب” عن فرانك ريكارد فريقا يُمكن وصفه بالأحسن في برشلونة منذ عهد يوهان كرويف، كيف لا وريكارد هو خامس أكثر مدربي البارصا تتويجا وأحد القلائل الذي يملكون في تاريخ النادي نسبة فوز تزيد عن 58% في عدد مباريات يفوق 270 مواجهة، أما تشافي فسيبدأ العمل مع فريق يعيش فترة انتقالية بأسماء جديدة وأخرى ثقيلة تتجه نحو الاعتزال، وحتما سيكون تكرار ما قام به بيب أصعب بكثير وإن حدث فإن تشافي يستحق أن يدخل وقتها قائمة فلاسفة الساحرة المستديرة ولكل مقام مقال.
ومثلما كتبت في مقال سابق، فإن ثقل الإرث الكروي في برشلونة يجعل المهمة صعبة جدا على أي مدرب مهما كان، سيما إن كانت المقارنات قد بدأت من الآن في الإعلام الكتالوني حول ما إذا كان تشافي هو غوارديولا الجديد، هذا الأخير تواجد في برشلونة اليوم وصرّح للإعلام قائلا: “من الأفضل أن لا تتم مقارنة تشافي بي أو بأي شخص آخر، يجب التحلي بالصبر الشديد معه”، أما خليفة كومان فزاد من ثقل وعده لـ”الكوليز” وقال: “أنا أملك مايسترو في التدريب كمرجع لي وهو بيب غوارديولا”، وهي رسالة واضحة للجميع بأن “البلاوغرانا” سيعود إلى سابق عهده كرويا على الأقل، أما الإنجازات فهي تحصيل حاصل لذلك الأسلوب الذي يضمن السيطرة والمتعة معا، أمر أكده تشافي نفسه في حوار وداعي مع موقع السد حين قال: “استمتعت بتطبيق اللاعبين لأفكاري أكثر من الفوز بالألقاب”.
وإن كان غوارديولا قد وجه رسالة لإعلام كتالونيا بتصريحاته اليوم ومفادها أن الضغوط هي أبرز عدو للمدرب، وأن تطبيق اللاعبين لأفكار المدربين ليس بالسرعة التي يتخيلها البعض، فإن تشافي “المدرب” أكد أنه لا يختلف عن تشافي اللاعب، حيث تحدى الجميع ووضع نفسه في مجال المقارنة من الآن قائلا: “أتمنى أن أكون من مجموعة اللاعبين الناجحين في التدريب مثل بيب وزيدان”، تماما مثلما فعل في أوت 2008 بعدما تم تنصيب “بيب” كمدرب جديد لـ”البارصا”، وقتها قال تشافي: “أشعر أنني بطل الرواية”، وفعلا قاد البارصا في وسط الميدان بطريقة لعب مثالية رفقة كتيبة نارية لتحقيق السداسية وبعدها تحقيق نجاحات خرافية لأفضل جيل في تاريخ النادي على الإطلاق، وحتما لا يُمكن أن تكون الأفضل إن لم تشعر بأنك كذلك وهذا ما وصفه مايكل ماكوبي بـ “نرجسية المنتجين” في دراسته الشهيرة سنة 2000.
بعيدا عن الجانب الكروي، يهتم الكثيرين في كتالونيا بشخصية المدرب، وعندما يتعلق الأمر بتشافي فإن الحديث يزداد عن علاقته مع من يُعرفون بـ”الأبقار المقدسة”، وبما أن الحديث كان كثيرا عن غوارديولا، فالأخير ورغم أنه لم يكن معروفا كمدرب كبير في بداياته، إلا أنه أظهر شخصية فولاذية جدا قادته نحو نجاحات باهرة، فبعد قدومه أدلى بتصريحات نارية قال فيها: “كل لاعبي الفريق في مستوى عال، لكنني مع المدير الرياضي نقوم بتشكيل فريقنا وديكو ورونالدينيو وإيتو ليسوا في أذهاننا، الوضع تدهور والحل هو بناء غرف ملابس قوية”، أما تشافي فقال اليوم: “قرأت بأنني لا أريد تدريب بعض اللاعبين لأنهم أصدقائي، ولأكون دقيقاً سأكون أكثر صرامة معهم لأنهم أصدقائي”، هذا ما سنترك الوقت ليُجيبنا عليه، فصورة غرف الملابس ستنعكس دون شك في أرضية الميدان وإن كان المستوى هو المعيار الأول للعب فإن تشافي سيقدم أول معايير النجاح في فريقه الجديد.
وبغض النظر عن الإرث الكروي، فكر كرويف، أسلوب غوارديولا وشخصية تشافي، يبقى العمل بمنهجية واضحة هو أساس النجاح، فـ تشافي قال في تصريح مهم جدا بالنسبة لي: “لدينا أفكار وخطط واضحة”، كلام يُذكرني بكلام يورغن كلوب قبل سنوات قال فيه: “طالما تعلمت أنني عندما أخسر وأعلم لماذا خسرت أفضل بكثير من أن أفوز وأنا لا أدرك كيف انتصرت”، وفعلا عندما تعرف أسباب الخسارة والفوز فإن ذلك يعني أنك تعرف عملك جيدا وأنك ستنجح ولو على المدى الطويل، أما أن تفوز دون فكر واضح ثم تخسر بأخطاء تتكرر دائما، فهذا ما يحدث مثلا مع أولي غونار سولشاير في مانشستر يونايتد وهذا ما يُشير دون شك إلى مدرب فاشل.