محمد عواد – لفتت جماهير مانشستر سيتي في المباريات الأخيرة الانتباه من جديد إلى ظاهرة الموزة المنفوخة، حيث اصطحب عدد كبير منهم بالوناً على شكل موزة، كما يرتدي بعضهم هذا الشعار الغريب بالنسبة لجماهير كرة القدم.
موزة مانشستر سيتي راقية وليست عنصرية، كانت في موسم من المواسم متواجدة في كل مباراة لفريق القمر الأزرق لكن مؤخراً باتت تظهر فقط في المواجهات الحاسمة للألقاب والتي تقام على ملعب الاتحاد، الحكاية كلها بدأت مع انضمام لاعب اسمه ايمري فارادي؛ انجليزي من أصول مجرية إلى مان سيتي، ايمري كان موهوباً وكان لقبه “ايمري الموزة”، وجاءت الجماهير كنوع من المزاح اللطيف مع هذا اللاعب بهذه الموزة المنفوخة، ومن يومها تحولت إلى شعار للفريق.
قوة الموزة وخلودها تأتي لكونها ساهمت بشكل كبير بإيقاف ظاهرة العنف في الملاعب الانجليزية، فقد جاءت بعد كارثة هيسل، وحريق ملعب برادفورد سيتي الذي راح ضحيته 56 شخصاً، وفي ظل العنف والهيجان من بعض الجماهير، جاءت جماهير السيتي بموزة رسم كثير منهم على وجهها ابتسامة، لتقلدهم جماهير أخرى وتجتاح الشعارات المنفوخة الملاعب، وتختفي صورة الهوليجانز من الشاشات وتموت ظاهرة العنف مؤقتاً.
الحكاية بدأت عام 1987 مع شاب اسمه فرانك نيوتن، شعر بأن السواد المسيطر على صورة جماهير الكرة الانجليزية يحتاج لبعض النور، فاصطحب معه بالوناً على شكل موزة كبيرة استعاره من أحد معارفه، ذهب لمشاهدة مباراة فريقه في الدرجة الثانية أمام بلايموث، وكان هدفه ربط موزته بالمهاجم ايمري بانانا، روح الدعابة من نيوتن أعجبت الجماهير، فباتت الموزة رفيقة درب جماهير السيتي، ثم كان الرد من الجماهير بشعارات منفوخة لكن بأشكال مختلفة مثل السمكة والطائرات القديمة والتماسيح والمطارق وديناصورات.
قناة بي بي سي في ذلك الوقت قدمت تقريراً إخبارياً عن ظاهرة الموزة المنفوخة وعنونتها بقولها “عودة المتعة إلى كرة القدم”، ودعمت إدارة مانشستر سيتي هذا القرار، فتم سحب البساط من تحت أقدام الهوليجانز المتعصبين الذين حولوا كرة القدم فترتها إلى مستنقع دموي، ودعمت باقي وسائل الإعلام موزة مانشستر سيتي بشعارات رنانة مثل “انفخ الأمل” و”انفخ المتعة”، كناية إلى نفخ هذه البلالين من أجل استعادة البسمة والمتعة في كرة القدم، ليبدأ الأمل بنهاية قصة كرة القدم كرياضة كارثية في ثمانينات القرن الماضي بالنسبة للإنجليز.
موزة مانشستر سيتي تحولت مع الزمن لتطلق على جمهورهم فتم تسميتهم بالموز “Bananas”، وبات هذا الشعار تعويذة حظ بالنسبة لهم، بل إن موقع مانشستر سيتي دعا جماهيره عبر موقعه الرسمي لحمل هذا الشعار في الأسابيع الأخيرة من الموسم الحالي، موزة مقامها كبير على العكس من الموزات العنصرية المنتشرة في ملاعب كرة القدم.
ابتسامة الموزة التي جاء بها فرانك نيوتن لم تصمد طويلاً أمام العنف ورغبته بالسيطرة على الواجهة، فبعد أن سحبت البلالين الاهتمام الإعلامي وسيطرت على العناوين بدلاً من العنف والمشاكل، جاء عام 1989 بكارثة هيلزبرة التي راح ضحيتها96 مشجعاً لليفربول، لكن الصحفي في الديلي ميل تشارلي سكيلين كتب عن الأمر قائلاً “تلقت الشعارات المنفوخة ضربة قوية بأكبر كارثة في تاريخ الكرة الإنجليزية، فانحدرت موضتها بسبب الحزن وطغيان السلبية من جديد، لكن الموزة نجحت بخطف الأضواء من العنف لفترة ليست قصيرة، وأدركت الجماهير عند المقارنة بين وجهي اللعبة، بأن كرة القدم للمتعة وليس للعنف”.
موزة مانشستر سيتي بدأت كمزحة مع لاعب يمثل فريقهم، كان مهاجماً محبوباً لكنه رحالة حيث مثل 16 فريقاً، ثم كانت سبباً رئيسياً بالإيحاء للمسؤولين والشركات الإعلامية بأن الناس يريدون الأمان ويريدون الاستمتاع، فكان عصر البريميرليج بعد ذلك، والذي تحول بسرعة ليكون الدوري الأقوى في العالم والأكثر متابعة والأغلى من حيث البث التلفزيوني.