ما الفرق بين الموهبة الفطرية والموهبة المكتسبة؟


أسامة زهير- في عالم المستديرة كثير ما تحدثت الجماهير عن من هو افضل لاعب في العالم وبعض من الجماهير الأخرى ذهبت لتتحدث عن من هو أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم، وقارنت (ميسي ورونالدو) بالآساطير التي سبقتهم من قبل.
بعيداً عن هذا النقاش الذي يعد فيه جدلاً كبيراً ولا يمكن أن نحدد من هو الأفضل بكل العصور، وفي مقالي هذا أريد أن أحدثكم عن المقارنة من نوع آخر بين (رونالدو و ميسي) اللذان دائماً ما تختلف بهما الجماهير والصحافة وحتى الآساطير عن من هو الأفضل في المواسم الماضية.
في كرة القدم هناك نوعان من المواهب، النوع الأول من يكون لديه الموهبة الفطرية منذ الصغر (مكتسبة من عند الله عز وجل) فعندما تُدرّب هذه الموهبة وتُنمّى وتهتم بها بالشكل المطلوب ستصبح شيئاً كبيراً في المستقبل القريب، وهناك نوع ثاني وهي الموهبة المكتسبة وهي التي تكون ناتج عن تقليد أحد النجوم أو إختراع حركات جديدة من اللاعب نفسه وبنفس الوقت مع وجود طموح عالٍ عند اللاعب يريد أن يطوّر من قدراته خلال التدريبات المكثفة والتي يكتسب من خلالها المهارة والسرعة التي كان يريد أن يصل لها منذ فترة.
الأمر أشبه بإحدى المواهب أفلام الكرتون والمقصود هنا (سوبر مان-بات مان) فالأول يملك قوة فطرية خُلق عليها وعرف ما يملك من قوة خارقة وكيف ينميها لمحاربة الأشرار، والثاني إكتسب قوته من التدريبات وبحث عن أفضل الأساليب القتال ليحارب بها المجرمين ايضاً.
فميسي يمثل الموهبة (الأولى) التي كانت وما زالت مفاجئة لعشاق كرة القدم، فمنذ صغره إهتم به النادي الكتالوني وعالجه من مرضه، ومن بعدها لعب سنين حتى جاء بيب غوارديولا الذي طوّر النجم الأرجنتيني في بداية نجوميته مع برشلونة، وبعدها أصبح كالرجل الخارق الذي نادراً ما يوقفه أحد، ورونالدو اشبه بالموهبة الثانية الذي إكتسب موهبته وأسلوبه من تدريباته المكثفة وبالتأكيد مع طموحه وشغفه لكرة القدم وإنتقاله التدريجي لفرق عريقة وكبيرة ( سبورتينغ لشبونة، مانشستر يونايتد، ريال مدريد، ثم يوفنتوس) وبعدها اختلط بالنجوم الِكبار، وهذا أعطاه الدفعة المعنوية للتطور موسم تلو موسم حتى أصبح آلة تهديفية لا تتوقف.
فمن يصارع وينافس موهبة خارقة يجب أن يشاد به كثيراً و يكون درس كبير يجب أن يحتدى به كل اللاعبين الشباب حالياً والمواهب القادمة في المستقبل، لأن من يريد أن يصل لهذه المستويات عليه القيام بعمل كبير (من تدريبات و تطوير القدرات المهارية والجسمية) والتركيز العالي وتريد أيضاً النفس الطويل والشخصية القوية والطموح التي لا حدود لها.
بالرجوع للمقارنة بين (رونالدو و ميسي) بالنسبة لي ليست عادلة ابداً لانك لا يمكن أن تقارن لاعب خارق فطرياً باللاعب الذي إكتسب المهارات من تدريبات مُكثفة وإجتهاد شخصي، ما يمكن قوله هو أن رونالدو لاعب مُكمّل لميسي في كرة القدم لان ما ينقص عند ميسي موجود في رونالدو (في قامته وطوله التي تجلب الأهداف الرأسية ويملك التسديدات القوية التي عادة تكون من خارج المنطقة والشخصية القيادية) وميسي مكمل لرونالدو حيث انه لا يقف من المراوغات التي تخترق الدفاعات المتكتلة والتمريرات العرضية والطولية المتقنة حتى الآن ولا يوجد لاعب متكامل، والشيء الوحيد الذي يُمكن ان يشبها بعضهما في الملعب التحدي والإستمرارية بتقديم الأفضل دائماً، فلذلك لو أن النجمان إجتمعا مع بعضهما ولعبا في فريق واحد سيكونا أفضل ثنائي في تاريخ كرة القدم الحديثة لأنهما مكملان لبعضهما (حتى بأدوارهم ومراكزهم في الملعب).
لكن الحياة لا تحقق كل أحلامنا، ورغم إختلاف أسلوب اللعب لكل لاعب إلا أن الأندية والفيفا والويفا والإتحادات المحلية أنصفتهما كثيراً بعد أن توجوا بالعديد من الجوائز، لكن مع هذا كله يجب أن أذكركم بأننا محظوظين لمعاصرتنا لهذان النجمان فلقد أمتعوننا كثيراً بأهدافهما الغزيرة ومراوغاتِهما المذهلة ومساعدتهما وحسمهما في أوقات كثيرة لفرقهما في الملاعب، ومع كُبر سِنهما يجب أن نتذكر بأن إعتزالهما بات قريباً فلذلك علينا أن نُوقف المقارنات بينهما وفقط علينا أن نستمتع بما سيقدمونه من سحر وأهداف لأن ما تبقى من رؤيتهما في الملاعب أقل بكثير من الذي مضى.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *