سعيد خليل – اللاعبين السريعين، اللاعبين الأقوياء، اللاعبين الَّذين يسجلون كثيرًا، اللاعبين القادرين على مراوغة أي أحد يأتي في طريقهم، كلهم مهمين لإستمرارية هذه اللعبة، ولكنهم لو اجتمعوا جميعًا في فريق واحد بدون لاعب ذكي، فإنَّ قيمتهم ستنعدم، وكل ميزاتهم ستكون بلا أي فائدة، لأنَّ الميزة الأكبر الَّتي تحركهم كلهم، مفقودة.
بالطبع هدف فينيسيوس الأول الأمس كان رائعًا، ولكن هذا الهدف ما كان ليحدث لولا أنَّ هناك في النصف الأخر من الملعب لاعب يملك في رأسه عقلًا عظيمًا، فكشف الملعب كله بنظرة واحدة، لمح فينيسيوس، وأطلق له التمريرة الَّتي وضعته في وجه المرمى.
الإحصائيات ستقيس لنا أنَّ كروس صنع هدفًا، ولكنها لن تخبرنا عن رؤيته الرائعة في هذا الهدف، أو في الهدف الثاني، لن تخبرنا عن كل مرة يفتح بها مسارًا للتمرير، أو يخرج من تحت الضغط ببرودة أعصاب كأنه يحمل في يده كوبًا من القهوة، لن تخبرنا عن كل مرة يقف بها على كرته، يضبط الايقاع، ويحركه كما يريد.
لن تخبرنا الإحصائيات عن كل هذا، بينما سيخبرنا البعض أنَّ كل ما يقوم به كروس هو التمرير للاعب المجاور له، أو رمي كرة طويلة بلا فائدة، وأنه لاعب عادي، ووجوده لا يختلف عن غيابه. ربما هؤلاء بحاجة دائمًا لشيئ يبهرهم، غافلين عن حقيقة أنَّ أقصى درجات الإبهار في هذه اللعبة تكمُن في تلك الأشياء الَّتي تُلعب بالعقل، وليس بالأقدام.
جوارديولا يقول عن توني كروس أنه أحد أشجع اللاعبين الَّذين دربهم في حياته، زيدان يقول أنه حين يعتزل التدريب سيقول أنه درب كروس، بول سكولز الوسط العظيم اعترف في أحد المرات أنه حاول اللعب في نهاية مسيرته مثلما يلعب توني، تشافي قال مرة أنَّ كروس يذكره بنفسه كثيرًا، والكثير من أراء أصحاب الإختصاص الَّذين أجمعوا على قيمة كروس وإبداعه.
توني كروس، حيثُ كرة القدم تلعب بالعقل، والأقدام مجرد أدوات.