محمد عواد – ولدت وعشت 30 سنة في مدينة الزرقاء، ونحن أهل الزرقاء نعرف جيداً معنى أن يهمشك الإعلام عندما تحتاجه، ومعنى أن يؤخذ عنك انطباع ظالم، دون أن يكون لك الحق في توضيح وجهة نظرك، ولا يمحو هذا الانطباع أي جهود تقوم بها.
عملت في الصحافة الرياضية سنوات يمكن وصفها بالطويلة، وإن سئلت عن شيء أفخر فيه بعد اعتزالي، سأقول نجاحي بمقابلة أحمد أبوغوش ثم نجم كرة القدم موسى التعمري، علماً أنني التقيت نجوماً عالميين ولم يهمني أبداً التصوير معهم لتدوين أي لحظة، لكن لأحمد وموسى قيمة مهمة في قلبي ووجداني كأردني..نجمان في قمة التواضع والأخلاق أفخر بهما كأي من أبناء وطني.
لنذهب إلى تاريخ 18 أغسطس 2016، تاريخ لا ينساه الأردنيون، يوم سهرنا جميعاً للفجر لنشهد أهم وأعظم إنجاز في تاريخ رياضة المملكة، ليلة تألق البطل أحمد أبوغوش فيهزم الكوري فالإسباني فالروسي، ليحقق الميدالية الذهبية الوحيدة في تاريخنا.
وصلني خبر اعتزال أبوغوش عبر صديق بعد نشره في صفحته بـ 3 دقائق، كان خبراً صادماً، لم أستوعبه، فما زالت لديه فرصة ليلعب من جديد، ربما عمره لم يعد يسمح له بتحقيق ذهبية بهذه اللعبة، لكن يستطيع ترك بصمة مشرفة أخرى في طوكيو، والصادم أكثر لحظتها بالنسبة لي، التعليقات التي تقول السبب.
عائلة أبوغوش أوضحت تعلق المشكلة بقيد مدني، ولست خبيراً قانونياً، وأثق بالقضاء الأردني ثقة عمياء،لكن التوصيف “الإعلامي” للقضية على أنها جريمة كان يمكن تجنبه لأن الناس تفهم المغزى بشكل خاطىء، وفي هذا المقال لا أطالب بمعاملة قانونية خاصة لأحمد أو غيره، لكن سأتحدث عن الحسرة الحقيقية.
الحسرة هي أن صاحب أفضل إنجاز رياضي في تاريخنا، كان في السجن لمدة شهرين تقريباً كما فهمت، دون نشر أي خبر في صحفنا ومواقعنا عن الموضوع، وهو أمر لا يمكن فهمه أبداً بصحافة محلية فيها قطاع خاص نشط، وفيها صحافة قائمة على أبناء البلد 100%.
قضايا أخرى تم الكلام عنها إعلامياً بكل تفصيل، فمشهور سوشيال ميديا متهم بحيازة مخدرات، وآخر من تيك توك لا أعرف قصته، واعتقال “وح وح”، بالتالي المستغرب، كيف لنا بأن نتجاهل محقق الإنجاز الأهم، ولو بذكر خبره، وأكرر لا أطالب بأي معاملة قانونية خاصة لأي كان، فالقضاء يجب أن يأخذ مجراه.
ذكرت موسى التعمري في المقدمة وأستشهد به هنا، فخلال مقابلتي معه ضمن برنامج الاستوديو، تحدثت عن الإعلام المحلي معه، ليشرح أنه لا يشعر بالدعم الكافي له، وشكر الجهود الفردية للأشخاص، وكأننا فعلاً لا نعرف كيف نوظف إعلامنا لدعم من يستطيعون رفع رايتنا عالياً، ومن يستحق الدعم.
يزيد من تلك الحسرة رؤية بعض التعليقات، فمن يقول “وماذا حقق بعد ذهبية الأولمبياد؟”، وكأن الأخ أمريكي الجنسية ويحمل 100 ذهبية كل يوم.. وذلك الذي يتحدث عن ضرورة عقابه بشدة لتصل الرسالة، وكأن ملفات أخرى لا تستحق العقوبة لتصل الرسالة فعلاً، فهذا السلوك النقدي السلبي لا يساعد أحداً.
جميعنا مقصرون بملف أبوغوش وموسى وغيرها من ملفات من يستطيعون ترويج اسم وطننا بشكل إيجابي، جميعنا نتردد بالدعم، ونحتفل عند خطأهم وننظر بقوة عليهم لدرجة الافتراس، ونحاول إلزامهم بأن يكونوا ملائكة .. ومن حقنا أن نكون شياطين وننتقدهم عندما يتعثرون مرتدين قناعاً ملائكياً.
ملاحظة : ليعذرني الأصدقاء من الدول الأخرى لأن مقال هذا الأسبوع يأتي أردني الطابع بشكل بحت، لكن هذا واجب لا بد من القيام به.
تابع الكاتب في شبكات التواصل :
انستاجرام : @mohammedawaad