محمد عواد – وقعت وغيري في نفس الفخ، نتحدث ونتناقش عن كرة القدم حالياً ونقول ليس هناك نجوم، نتخيل أن ليونيل ميسي وكرستيانو لو لعبا في عصر كوستاكورتا وباريزي لتاهوا في الملعب، نتحدث عن العبقري باجيو والظاهرة رونالدو والمايسترو فيرون والزئبقي نيدفيد والسفاح باتيستوتا لو لحقوا بهذا العصر الذي ليس فيه لاعبين، وكيف سيسجلون الأهداف ويحسمون كل شيء لوحدهم، وتسمع المعلقين يرددون “يا رباه” و”ترى باتيستوتا أفضل” مع كل لحظة.
نقاش واحد قادر على تغيير وجهة نظرك إلى الأبد بعض الأحيان، فعندما تتحدث إلى أبناء جيلك عادة ما ستجد نفس الرأي، وأنا من الجيل الذي ينتمي إلى نجوم التسعينات وبالتالي نتفق على ما تم ذكره أعلاه، لكن نقاش مع من ينتمون لجيل نجوم الثمانينات قد يغير رأيك، فأولئك يؤمنون ببلاتيني ومارادونا ودينوزوف وزيكو ودانييل باساريلا كمدافع مميز وجون بارنز كجناح لا يمكن إيقافه، نقاش أخر مع من لحقوا بفترة السبعينات تجد تشددهم لنجوم لم نسمع بهم أساساً إضافة إلى أسماء مثل الحارس الألماني سب ماير ويوهان كرويف وبكنباور والمهاجم الأرجنتيني كمبيس، ويسخرون من عشاق الظاهرة وجيله بل يصفونهم بالأرجوزات في مواجهة عصر كرة القدم الرجولية.
” يا حسرة .. ليس هناك لاعبو كرة قدم حالياً، في الماضي كان هناك لاعب اسمه انيستا ومدافع رائع اسمه جون تيري ومهاجم لا يخطىء أمام المرمى مثل ميسي، ولاعب يسجل أهداف من أي مكان اسمه كرستيانو رونالدو وحارس متألق اسمه الأخطبوط بوفون”.. هذا كلام سيقوله أحد أبناء الجيل الصاعد الآن بعد 15 سنة لأحد الشباب الصغار آنذاك، والذي سيكون مهووساً بنجوم عصره، وبعد 15 عاماً أخرى سيكرر الشاب الصغير الذي أغضبته كلمات عاشق ميسي نفس الكلام لكن مستشهداً بنجوم عصره.
كرة القدم مسألة حماس وانتماء، وعندما يتقدم العمر بالإنسان عادة ما تضعف حماسته وبالتالي يضعف هوسه بمن يشاهدهم من نجوم كرة قدم، ويبقى في داخله هوس عصره فقط ونجومه، وبالتالي سنردد جملة ” يا حسرة .. ليس هناك لاعبو كرة قدم حاليا!” إلى الأبد، ابنك وابني سيرددون نفس الكلام عن جيلهم ويسخرون من طريقة ركض نجومنا، ونحن سننظر لهم باستغراب فليس هناك أفضل ممن شاهدناهم نحن.
مختصر الكلام أن لكل زمان رجاله، والقول بأن ليس هناك لاعبو كرة قدم حالياً مغلوط، فنظرة إلى الأرقام التي حطمها الموجودون والتي صمدت في عصور كل الأجيال السابقة، ونظرة إلى تعقيدات اللعب وتضاعف المسافة التي يجريها اللاعب الواحد، تعرف بأن هؤلاء مثلهم مثل غيرهم من النجوم، ومن حقهم الوصف بالأساطير عند الرحيل، والمسألة لا تتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي والإعلام لتلميعهم، فأنا قبل أن أعرف ما هي كرة القدم سمعت من الجيل الأكبر مني عن لاعب اسمه مارادونا سجل هدفاً بيده ثم راوغ فريقاً بأكمله لوحده، فالنجوم يسطعون دوما.