تعريب المحترفين .. فكرة سعودية تحتاج وقفة خليجية



منذ فتح باب الاحتراف لـ 6 لاعبين قبل رفعه إلى 7، وهناك حراك يستحق الانتباه له في السعودية، والتعلم منه، لأنه قد يكون مفيداً في عديد الدول الخليجية، عند تطبيقه بالشكل الصحيح والطرق السليمة المتلائمة مع طبيعة كل منها.

تتميز دول الخليج العربي بتركيبة سكانية مختلطة، حيث المغتربين في معظم دولها أكثر من المواطنين الأصليين، والسعودية هي الاستثناء الوحيد في القاعدة الثانية، حيث أن عدد مواطنيها أكثر من الوافدين فيها، ورغم ذلك فإنها كروياً الأسرع تطبيقاً لفكرة الاستفادة من عدد الوافدين الكبير.

كرة القدم صناعة .. من هنا يبدا التفكير

كرة القدم صناعة، مثل صناعة الموسيقى، مثل صناعة الطعام، مثل أي صناعة في الدنيا، ولو حاولت بعض الإدارت التفكير بغير ذلك، ستجد نفسها بعد 10 سنوات من دون كرة قدم.


عندما تفتح مطعماً في أي مدينة، لا يهمك بالفعل جنسية المشتري، ما دام يأتي ويأكل ويدفع ما تطلبه منه، ما دام يتحدث عنك، وينصح بك الأخرين، وبالتالي تزداد شعبية المطعم، ويزداد وصوله ودخله.


وكذلك هي كرة القدم، عليك أن تفكر بكسب كل من يستقر قرب ملعبك، هذا ما يفعلونه في أوروبا، عديد الأندية هناك معروفة بأنها عالية الشعبية وسط أقلية دينية معينة أو عرقية، نسمع عن فرق المانية عالية الشعبية لدى الأكراد هناك على سبيل المثال.

توسعة الاحتراف والمواليد .. ثم تعريب المحترفين

حدث في السعودية أمران متتاليان، توسيع قائمة الاحتراف الشجاع إلى 6 ثم 7، وكذلك تفعيل قانون المواليد، الذي يتيح للمولود في السعودية تمثيل أنديتها كلاعب محلي، الأمر الأخير قد يعود لاحقاً بالفائدة على المنتخب في حال كانت هناك حاجة أو رغبة بفعل ذلك، لأنهم يستوفون شروط فيفا للحصول على الجنسية الرياضية، وكذلك للمشاركة في دوري أبطال أسيا ، ما دامهم من مواليد البلاد وليسوا مجنسين فجأة.


هذه التوسعة، ساعدت الأندية على التشكيل بقائمة محترفيها، وحتى تجربة جنسيات معينة بشكل أوسع من ذي قبل، وهو الأمر الذي يجعلنا نرى المزيد من الأسماء العربية، التي يتم التعاقد معها، وكان مبولحي الحارس الجزائري الشهير أخرها يوم أمس.


ارتفاع واضح في عدد اللاعبين المصريين القادمين، وهناك نزعة سورية ملموسة أيضاً ، ومعظم من يأتي منهم يترك بصمة جيدة، والآن هناك أسماء جزائرية ومغربية، وكلها أمور لها فائدة.

فوائد التعريب .. جماهيرياً

معظم من في السعودية ناطقون بالعربية، والتعريب بالتالي يعني جلب لاعبين من جنسيات مختلفة، تمثل الديمواغرافيا الخاصة بالوافدين، مما يعني جلب الاهتمام.


بالتأكيد الأندية الكبرى في السعودية لا تحتاج للمزيد من الشعبية، لكن الأندية الأقل شعبية، قد تستطيع جلب المزيد من الجماهير للملعب من الوافدين، لدعمها وتشجيعها، مما يمكنها من الحصول على دخل أعلى إما من عقود الرعاية أو من دخل أيام المباريات بطرق مختلفة.


عند الرجوع لموقع احصائيات الدوري السعودي الرسمي، والاطلاع على الحضور الجماهيري لبعض المباريات، تجد أن بعض المواجهات التي يتكرر فيها اسم بعض الفرق، لم يصل عدد الجمهور إلى حاجز الألف متفرج، وهو الرقم الذي يجب أن يكون الخط الأدنى للقبول مبدئياً عند التخطيط لتنشيط البطولة.


مثل هذه الأندية التي لا تستطيع جلب أكثر 300 مشجع إلى الملعب، يجب أن تستفيد من تجربة التعريب، والتركيز على جنسية معينة، بدلاً من المحترفين البرازيليين والأفارقة، لو ركزوا على جنسية واحدة فقط، لنقل السورية أو المصرية، وجلبوا 5 من بلد واحد، لباتوا معروفين وسط الوافدين، وحافظوا على هذه الفلسفة لفترة، لاكتسبوا المزيد من الحضور تدريجياً، لأنهم سيجذبون عدداً من المشجعين الوافدين.


ربما أقرب أوروبي لفهم هذه الظاهرة، ما حدث مع لاتسيو حول العالم، عندما كان معظم لاعبيه من الأرجنتين في عصر خوان فيرون، حتى قميص النادي كان يشبه قميص الأرجنتين، وكل مشجعي التانجو حول العالم جعلوا من نادي العاصمة نادياً مفضلاً لهم.


الفرق الكبرى، حالها مختلف قليلاً، عليها أن تجلب أفضل اللاعبين العرب لتخلق الفائدة الكروية أولاً وهي مهمة، لأن شعبيتها بالأساس موجودة، ولا بأس من تخطيط تسويقي لهذه الصفقات أيضاً، فجلب لاعب مصري أو سوري أو مغربي، سيعني بالتأكيد لفت انتباه جالياتهم إلى الفريق، وحضور بعض المباريات لأجلهم، خصوصاً كما قلت أن المفترض بالفرق الكبرى استقدام اللاعبين الكبار.


وفوق كل هذا، هناك نشاط إضافي على شبكات التواصل الاجتماعي له تأثير على الاهتمام والجماهيرية، فالسوريون مثلاً جعلوا من عمر السومة والأهلي السعودي معروفاً في الفيسبوك، رغم أنه ليس بالمنصة المفضلة لدى السعوديين المواطنين، وكذلك الحال يفعل المصريون مع كل نجم لهم في السعودية.

فوائد التعريب .. كروياً

مقتنع تماماً، بأن اللاعب العربي لو شعر بأن لديه فرصة للاستقرار والبقاء في الدوري السعودي أو أي بطولة خليجية قوية، فإنه لن يفكر بالتراخي، وسوف يبذل كل جهده للبقاء والنجاة.


انسجامه أسرع مع المجتمع السعودي، حيث لا يوجد حاجز لغة أبداً، كما أنه مطلع ومتفهم للثقافة هناك.


هو يتطلع للبقاء والديمومة، توقعاته عادة منضبطة ، وكذلك حاله مع مجموعة اللاعبين الموجودة سيكون أسرع اندماجاً، ومنهم الكثير الذين جاؤوا وتركوا بصمة كروية جيدة جداً، ومستعدون للعب الجماعي.


بالتأكيد تعزيز تعريب المحترفين، سيكون له فوائد كروية أيضاً.

فوائد التعريب .. تجارياً

اهتمام أكثر، قاعدة شعبية أكبر تتابع في السعودية بشكل خاص، وفي العالم العربي بشكل عام، تجعل من الدوري سعودياً نعم، لكن بنكهة عربية إضافية تهم المستثمرين والمعلنين في الداخل وفي الخارج.


هذه النكهة الإضافية لها ثمن، ولا أقصد ليتم دفعه، بل ليتم جني الأرباح منه، فالشركات التي ترعى، تعرف أنها تصل للسوق المحلي من الوافدين العرب، ومن لها امتداد خارجي، تعرف أن شعارها سيتم رؤيته في الداخل وفي الخارج، لذلك تعجبني لمسة التعريب الجارية حالياً.

وقفة خليجية والفكرة المجرية في الوحدة

تنشط الدول الخليجية لمحاولة جلب المزيد من الجماهير، بعضها اتبع شيئاً متعلقاً بالمحترفين، وبعضها الأخر اتبع أفكاراً أخرى مثل الجوائز وما شابه.


تجربة تعريب المحترفين يمكن أخذها إلى عدة دول خليجية لكن بتعديلات، مثلاً في الإمارات العربية المتحدة لا يمكن نسخها حرفياً، لأن التركيبة الديموغرافية مختلفة، لكن لفت انتباهي على سبيل المثال الفكرة المجرية إن جاز التعبير.


فبعد أن تعاقد نادي الوحدة مع دوجاك، والذي يمكن اعتباره أهم لاعب مجري في أخر 25 سنة، تم تفعيل تنشيط ذكي لجلب المجريين المقيمين في الإمارات، رغم عدم كثرتهم، حيث كان هناك إعلان يتداولونه فيما بينهم قبل مباراة له، ويتم نشره في كل الجروبات الخاصة بهم في الفيسبوك، وتم تخصيص عدد جيد من التذاكر المجانية لهم للحضور مع عائلاتهم.


مثل فكرة دوجاك، يمكن جعلها أوسع، على قاعدة أوسع من المغتربين، صحيح ليس هناك لاعب هندي سوبر، لكن أكيد هناك لاعب من الهند جيد ليس أسوأ من بعض المحترفين الذين يتم الاتيان بهم إلى الدول التي يكثر فيها أصحاب الجنسية الهندية، وتسأل نفسك بعض الأحيان هل لعب هذا كرة القدم من قبل؟.


الأمر يحتاج لهدوء فقط، تحليل ديموغرافي منطقي، وجس نبض قبل البدء بالتنفيذ، وجعل سياسة الانتقالات متوافقة تماماً مع سياسة التسويق، فالملعب لم يعد شيئاً منفصلاً، والنجاح بجلب المزيد من الجماهير أساسي لتطوير اللعبة.


تابع الكاتب :

انستاجرام : @mohammedawaad











سناب شات : M-awaad

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *