المختار لحمود – يجعلك تبحث عنه رغم أنه أمامك ، أين هو ؟ لن تلبث كثيرا حتى تراه ، فقد جرت العادة أن تدار الكرة بالقرب منه هي مولعة به لا تقدر على طول فراق قدميه الماتعة ، فقد أصبح محورها و ما عداه هوامش.
لما يحدثوك عن رجالات خط الوسط ، ستجد نفسك حيرا في اختيار الأفضل ، الأفضل تلك الحرب الساخنة التي تثار بين الفينة و الآخرى دون ما مراعاة لشروطها و استعصائها و ما تتطلبه من بحث في الماهية و الجدوائية و ما تقتضيه من أمور آخرى كظروف الخصمين إلخ…
كم هائل من أساطير ذاك الجزء الأضخم من المستطيل الأخضر ، لن استرسل في الحديث عنهم جميعا ، فتلك مهمة كبرى قد يحتاج صاحبها مقالات لا مقالا واحدا ، إنما أقصد في وقتنا الحالي أو إن شئت قل في العقد الأخير تقريبا.
فيراتي ، بوغبا ، بيانيش ، آرثر ، دي يونغ ، جورجينهو ، آلكنتارا ، غوندوغان ، ماديسون ، فابيان رويز ، كوكي……
لا اختلاف في الوسط الكروي على أن كل هؤلاء هم مواهب كبيرة جدا.
إلا أنه لا تقاس مكانة اللاعب بما يمتلك من موهبة فقط ، بل بما يمتلك أيضا من قناعة و قدرة على التسيير المعقلن لتلك الموهبة.
ذات يوم من شهر يناير سنة 1990 ولد أحد عظماء ألمانيا.
مولود على هيئة تمريرة.
توني عرف عنه الالتزام و الانضباط في كل شيء ، أخذوا منه الاستمتاع بما يقام به ، حتى في استنشاق الأوكسجين.
صفات أتت بثمرها الوافر على كل الفرق التي لعب لها الأشقر ،
فتوني ورًث زملاءه في الفرق الكثير و الكثير.
توني يملك سجلا رائعا ، جماعيا و فرديا ، بين البايرن و ريال مدريد أتى على الأخضر و اليابس.
مع المانشافت أخذ الأغلى و الأثمن كأس العالم 2014.
و بين كل تلك المحطات ظل توني كروس على تألق و عطاء قل نظيره.
الجميل في كروس أن مستواه الفني و نضجه التكتيكي بلغا عنان السماء و الرجل لما يتجاوز 25 سنة ، مما يبعده عن كل مقارنة مجحفة.
كروس هو سندباد الوسط و مركز اللعب و القلب النابض لفرقه.
لمجرد وجود توني ترجح كفة فريقه على الآخر ، يراوغ ذهنيا و يذل واقعيا ، باليمنى و اليسرى على حد سواء يقدم الهدايا بتمريريات ماسية هي في حقيقة أمرها “ماركا” خاصة به.
فهم توني كروس لكرة القدم هو نقطة قوته ، يفهمها كما هي دوما ، يملأ فراغها ، يستوعب تمردها ، جنونها ، تقلبها و دورانها…
فإذا كانت الكرة هي المحيط الكبير فتوني هو الموج الصغير.
و إن تكن المستديرة هي اللغة باتساعها فإن كروس هو المفردة بحدودها !
هناك موسيقى في توني كروس لا تعرف.