سعيد خليل – خوف مختلف، قلق لا يشبه قلق أيام المباريات العادية، فتلك يمكن التأقلم معها، والتكيُّف مع سيناريوهاتها، مهما بلغت ضراوتها، تبقى تحت السيطرة. ولكن هنا، لا شيء تحت السيطرة، ولا يمكن تخيُّل أي سيناريو يتعارض مع الأُمنيات والدعوات، هنا يتخطى الأمر حدود نشوة انتصار، أو خيبة هزيمة، هنا التوازن معدوم، إما ذكرى لا تُنسى، أو ذكرى يا ليتها تنسى، لطالما كانت الحسابات هكذا.
هنا تسير في الشوارع، في أزقة الأحياء الصغيرة، تشم رائحة المباراة في الأجواء، تلمسها في شجارات الأولاد المنقسمة بين هذا وذاك، في نقاشات الشابين الواقفين على الرصيف وكل منهم لديه أسبابه لماذا كيانه هو المفضل للفوز، ولماذا على الخصم أن لا يحلم كثيرًا، وأن لا يضيع وقته في متابعة المباراة لأنها محسومة مسبقًا.
تشاهدها قبل أن تُلعَب على طاولات القهاوي، حيث يرتدي كل واحد بدلة رسمية وهمية كما لو أنه جالس في استوديو تحليل، ويبدأ في طرح تشكيلته الَّتي يفضلها، والنتيجة الَّتي يتوقعها، وإن كانت المباراة ستنتهي ب٩٠ دقيقة أم أنها ستمتد إلى أشواط إضافية.
لا يشبه لقاء الأهلي والزمالك أي شيء آخر في مصر، إنه يوم عيد بدون ميعاد، حالة خاصة لا يمكن تفسيرها، ومهما كانت ظروف اللحظة، فإنها لم تفقد يومًا قيمتها، وبقيت محافظة على جوهرها، جوهر المواجهة المختلفة بين شعبين تحت راية شعب واحد، بين أحمر بلون الدم وأبيض بلون السلام الَّذي لا سلام فيه، بين ليالي بركات وتريكة، وليالي عبد الحليم علي وحازم إمام.
وقبل هذا كله، بقيت محافظة على كونها تجسيدًا حيًا لحقيقة أنَّ هذه اللعبة، لُعبة بالإسم فقط، وأنها في الكثير من الأحيان تكون، اسلوب حياة.
يومان على النهائي الكبير، يومان على حلم أفريقيا.