محمد عواد – من الأرشيف – سوبر – لبعض الكتب أثر طويل على حياتك مما يجعلك لا تناساها أبداً، وأعتقد أن كتاب “كيفما فكرت..فكر العكس” لبول آردن سيكون أحد هذه الكتب بالنسبة لي في حياتي الشخصية، كما أنه أوحى لي بفكرة هذا الموضوع لذلك بدأت بالحديث عنه اعترافا بفضله في هذا المقال.
في هذا الكتاب ومع موضوعه الأول تحدث عن بطل خالد في تاريخ رياضة القفز العالي، البطل هو الأمريكي ديك فوسبوري والذي فاجأ العالم كله في أولمبياد 1968 عندما قفز بشكل مخالف للمعتاد، فحتى ذلك الحين كان القفز بطريقة أمامية يكون فيها الصدر مقابل الحاجز، لكن فوسبوري كان أول من قفز بالعكس مستخدماً ظهره ليحقق رقماً قياسياً عالمياً هو 2.24 متراً متفوقاً على الرقم السابق بشكل ساحق والذي كان 1.72 مترا، ويخلد في التاريخ باسم قفزته “قلبة فوسبيري” ويقلب اللعبة كلها.
يوهان كرويف، لاعب هولندي شهير لكنه خلد في تاريخ برشلونة ليس كلاعب بل كمدرب، فإنجازاته كلاعب خجولة جداً في البرسا عكس ما كانت عليه في أياكس، فلم يحقق إلا لقب دوري واحد ولقب كأس واحد، لكنه خلد في التاريخ ونال ضعف شهرته في العملاق الكتلوني بسبب فترته كمدرب هناك، يومها جاء كرويف بفكر كروي جديد قائم على الكرة الشاملة ولعب الكرات القصيرة والإيمان بالاستحواذ، فانهارت أوروبا أمامه وفاز بلقبها لأول مرة في تاريخ النادي الكتلوني وسيطر في اسبانيا، فبات أسطورة في تاريخ برشلونة بشكل لا يقبل النقاش.
وبما أننا تحدثنا عن كرويف فيجب أن نتحدث عن المدرب الذي تسبب بإنهاء هيمنته الأوروبية وهو فابيو كابيلو، المدرب الذي جاء وثار على أفكار عظيمة ورثها من أريجو ساكي، فآمن أكثر بإبداع المهاجمين وركز على الضغط في كل أنحاء الملعب ونوع في خصائص محوري خط الوسط ، فكان فكراً جديداً انتصر به على برشلونة 4-0 رغم الغيابات الكثيرة عن صفوف ميلان وحقق أرقاماً قياسية خالدة حتى يومنا هذا.
وليس بالبعيد عنا أن شهرة جوزيه مورينيو الحالية تأتي من قدرته على مفاجأتنا دوماً بالحلول والإبداع، وعندما تعب في الريال اختفت هذه المفاجآت فخرج خاسراً متعباً، لكنه قبل ذلك في تشلسي والانتر وبورتو كان الرجل الذي لا يمكنك أن تتوقع ما يفعله وقريباً منا كان استعادته هيبته من بوابة كسره مانشستر سيتي في ملعبه.. وخصمه الحالي وفيلسوف كرة القدم الجديد بيب جوارديولا دليل مهم على طريقة التفكير المختلفة لتكون عظيماً.
محمد علي كلاي كأسطورة ملاكمة لم يكن يملك أقوى لكمىة لكنه ركز على شيء جديد قائم على الحرب النفسية قبل المباراة ثم اللياقة الكبيرة واستفزاز الخصم، ففكر عكس الأخرين وأصبح عظيماً.
هذه أمثلة لأسماء خطرت على البال في الرياضة، والأكيد أن الإنسان الذي يتفوق هو الإنسان الذي يختلف بالتفكير عن منافسيه،ويكفي ما أكده الحكماء والفلاسفة بأن الطريق المزدحم بالناس لا يؤدي بك إلى التميز لأنها عادة الطريق الأسهل التي لا تعطي نتائج أكبر، فاذهب إلى الطريق الخالية فهناك عادة ما تجد النجاح والتفرد والتميز رغم الصعوبات.