مهنة المعلق .. الرجل الذي يخاطبنا أكثر من الرئيس الأمريكي

أحمد حرب – مما لا شك به أننا نفضل الاستماع إلى حناجر بعض المعلقين على أخرى، كما ونتحدث لمن حولنا عن أجمل ما قيل خلال المباريات، فكلمة “غدارة” و “يوزع” و “يا رباه” و آخرها “حطها في الشبكة يا رياض” … نسمعها اليوم و كأننا نعيش اللحظة من جديد. 
أصبحنا نشاهد مباريات ونهتم بها فقط من أجل من ينقل لنا أحداث اللقاء لنا وهناك أساتذة في هذه المهنة، وبعضهم أميزهم و أتابعهم بشكل خاص بسبب ارتقاء مستوى أفكارهم و لمساتهم و أيضا زيادتهم لحماسنا خلال مباريات ورفع مستوى الأدرينالين، فأحياناً نفقد أعصابنا من شِدّ الحماس الذي يحدث خلال المنافسة. 
مهنة التعليق في كرة القدم أو في الرياضات بشكل عام هي مهنة ليست بالسهلة… فالمعلق عليه أن يكون على معرفة بكل صغيرة وكبيرة في المباراة لوضع لمساته الخاصة فيها… وقد يظن البعض أن التعليق هو فقط إصدار صوت مع صورة إلا أن هناك من يدرس إحصائيات و أبرز الأرقام قبل كل مباراة وكأنه يقوم بالتحضير لها كما يفعل المعلم لطلابه.
و برأيي قد نعتبر أن هذه المهنة هي المهنة الأصعب في الإعلام الرياضي؛ إذ يحتاج المعلق إلى وضع جميع الحواس في المباراة لنقلها إلى المشاهد، وهو أمر يحدث في معظم الأحيان فنكاد ننسى همومنا و إرهاقنا و يخطر في بالنا بعض اللقطات المهمة والخاصة في منافسات عالمية مليئة بالإثارة.
و من أجل ذلك أقدم النصح إلى كل شاب يرغب في التوجه إلى هذه المهنة، أن تقوم بوضع إحساسك الكامل خلال النقل و أن تضيف المعلومات الهامة و الإحصائيات الخاصة في تلك المباريات لسلك أولى سبل النجاح في هذه المهمة… كما لا تنحاز لجانب على أخر والأهم الإبتعاد بكامل الأشكال عن تقليد الآخرين فيها. 
قد يظن البعض أن الشخص المعلق مهمش وهذا تصنيف خاطئ.. أستذكر ما قاله الأستاذ العزيز “علي سعيد الكعبي” عن التعليق على الرغم أنه لا يحب الظهور في المقابلات الإعلامية لإيمانه أن للمعلق متسعا من الوقت ليقول ما يريد قوله، كما أنه لا يحتاج سبباً لأن يتحدث في مكان آخر، فالمعلق العربي كما قال يخاطب مشاهديه أكثر من مخاطبة الرئيس الأمريكي أوباما للعالم؛ وهذا كلام يبرهن مدى سلطة من هو على كبينة التعليق. 
و كما أن هناك إيجابيات فهناك سلبيات.. ففي الآونة الأخيرة باتت هذه المهنة كوظيفة رسمية مجبر عليها.. أصبحنا لا نشاهد الحماس الذي كنا نراه سابقاً… و بات القلق يعم حينما يتم الإعلان عن معلق لا يشعرنا بلذة الحماس و كأننا ننتظر حصة مدرسية!
عدا عن الإنحياز المؤكد بعض الأحيان لطرف على الأخر؛ كما يتم تهميش بعض اللاعبين الغير مرغوبين حتى لو قدم آداءاً طيباً في تلك الليلة وذلك لعدم تفضيله عند المعلق؛ وهذا الأمر ليس فقط في رياضة القدم بل في كرة السلة و رياضات أخرى بعض الأحيان. 
و ختاماً يتوجب علينا توجيه الشكر إلى من شعرنا معهم بلذة إنتصارات أنديتنا المفضلة ومنتخبات بلادنا كما عشنا معهم أجواء حماسية رائعة أبعدتنا عن ضغوط الحياة و العمل و أسعدتنا للحظات مليئة بالشوق والإثارة و سنبقى نذكرها لأصدقائنا و نتداولها بين الناس إلى الأبد.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *