عشرون عاماً على القرار الذي غيّر تاريخ المانيا الكروي


رواد مزهر – ” كرة القدم لعبة بسيطة عبارة عن 22 رجلًا يطاردون الكرة خلال تسعين دقيقة لكن في النهاية المانيا هي من تفوز ”
هذا ما قاله هداف انكلترا السابق غاري لينيكر عام 2014 بعد تتويج المانيا بلقب كأس العالم بفوزها على الأرجنتين بهدف مقابل لا شيء في نهائي المونديال البرازيلي.
وعلى الرغم من فوزها بأربعة كؤوس عالم وثلاثة آخرين في بطولة اوروبا، الا ان النهضة الحقيقية لألمانيا كانت في الالفية الجديدة وتحديداً فور خروج منتخب المانشافت من الدور الأول لكأس الأمم الاوروبية عام 2000، عندما خرجت بخفى حنين بعد حصولها على نقطة واحدة وتسجيلها لهدف يتيم!
الخروج الأوروبي، فتح جرح الخروج من كأس العالم قبلها بسنتين امام كرواتيا، لتدق المانيا ناقوس الخطر بكبارها وصغارها، مترافقة مع ثورة إعلامية تحضّ على التغيير لإعادة هيبتها التي اهتزت في آخر بطولتين قاريتيين.
ومع بدء اجتماعات اساطير المانيا مع افضل ادارييها للوصول الى الرؤية الأفضل لعودة الكرة الالمانية الى سابق عهدها، هز فريق إنرجي كوتبوس عرش كرة الالمان عندما اشرك تشكيلة لم تحمل أسم اي لاعب الماني في سابقة لم تحدث من قبل، فكانت شرارة انطلاق عصر النهضة.
الاجتماع الأهم كان بدعوة من رئيس الاتحاد الالماني انذاك جيرارد ماير فورفيلدر وجمع ممثلي ست وثلاثين نادياً المانياً، اضافة الى اعلاميين وممثلين عن شركات الاستثمار والاحصاء والتطوير.
بعد اجتماعات عدة وطروحات كثيرة، توصل المجتمعون الى ان افضل الية لتطوير كرة القدم تكمن في الاهتمام بالفئات العمرية والبناء منذ الصغر وتطوير المواهب، خصوصاً مع التحديات الكبرى وارتفاع اسعار اللاعبين بعد قرار بوسمان، فكان القرار الشهير بإجبار اندية الدرجتين الاولى والثانية على انشاء اكاديميات والعمل على اكتشاف المواهب، لتصبح المانيا اليوم تمتلك أكثر من خمسين اكاديمية ومئات المدارس.
بدأ عمل الاكاديميات وبدأت نتائجها الفنية والمادية تظهر سريعا، ففي الوقت الذي كانت فرق اوروبا تعاني مادياً من ارتفاع قيمة الرواتب الشهرية والتعاقدات، كانت المانيا تعيش استقراراً كبيراً على هذين الصعيدين بعد ان اصبحت اندية الدرجة الاولى تعتمد في تشكيلتها على اكثر من 50 % من خريجي اكاديمياتها في حين تخطت نسبة مشاركة خريجي الاكاديميات في الدرجة الثانية كل التوقعات بعد ان وصلت الى 75 %.
اكتشاف المواهب وتأهيل المميزين اعطى نتائج سريعة للمنتخبات الالمانية وهذا ما يفسر دخول العديد من اللاعبين النادي المئوي قبل وصولهم الى سن السابعة والعشرين، ما اعطى المنتخب الالماني المزيد من الفاعلية مع تواجد عنصرين مهمين، الخبرة والشباب، وهذا ما ساهم بجعل كعب المانيا يعلو على بقية المنتخبات.
عشرون عاماً على شرارة النهضة في المانيا جعلت المانشافات رقماً صعباً في كرة القدم العالمية بعد ان توج كبارها بهذه الفترة بلقب كأس العالم للرجال، كأس العالم للشباب تحت سن العشرين, بطولة اوروبا تحت سن 19 مرتين وتحت 17، منتخب السيدات الذي توج بنفس الفترة بلقبي كأس عالم، ذهبية الأولمبياد واربعة القاب اوروبية، من دون ان ننسى كل ما تقدمه الأندية الالمانية في البطولات الأورروبية وعلى رأسهم العملاق البافاري بايرن ميونيخ بما يشكله من قوة إقتصادية وكروية.
ألقاب وأمجاد وتاريخ لم يأتي بالصدفة او بالحظ، بل اتى بكثير من التعب والدراسات والعمل للوصول الى النتيجة الحالية التي فرضت المانيا واحدة من اعرق الدول الكروية في العالم، فهل حان وقت اتحاداتنا العربية للسير على خطى الماكينات؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *