جاسر جاءباالله – المشكلة أصبحت مؤرقة في عالم كرة القدم مع توسع فكرة الإعتماد على اللاعبين الذين كانوا نجوماً في حياتهم الكروية كمدربين دون النظر لما تحمله الأمور من تعقيدات على مستوى الأفكار فقبل كل شيء من رجاحة عقل كل مسؤول في أي نادٍ كان البحث عن المدرب الذي يمتلك المهارة الكافية والخبرة الأعلى في ترويض اللاعبين وتسيير المباريات ليقود فريقه نحو الأفضل.
نوعية ناغسلمان من المدربيين مثلاً أصبحت نادرة بشكل كبير خاصة في الجيل الصاعد من المدربين، فكرة هذا الألماني واضحة في تسيير فريقه بالرغم من صغر سنه حيث يعتمد على التكنولوجيا كمبدأ لرسم معالم الفكرة وتبسيطها لدى لاعبيه.. قرأت في أحد مقابلاته أنه يضع كاميرات في أركان الملعب لرصد تحركات اللاعبين ومن ثم يعيد تشغيل الفيديو بحضورهم لإصلاح الأخطاء و عدم تكرارها مستقبلاً… هنا تحديداً نشاهد الفرق بين المدرب صاحب الفكرة والمدرب الذي تم تعيينه فقط لماضيه الكروي الكبير.
بيرلو مثلا، شخص تم تعيينه كمدرب ليوفنتوس قبل يوم من حصوله على شهادة ال UEFA A والمشكلة الأكبر من ذلك أنه كان مدربا لصنف النخبة في النادي ولم يستمر ذلك لأسبوعين أو ثلاثة حتى جاءت المفاجأة..” بيرلو رسمياً مدرباً ليوفنتوس ! “
شخصيا لست ضد فكرة اللاعب المدرب لأنها أعلنت عن نجاحها من خلال تجربة زيدان كمدرب لريال مدريد لكن المشكلة هنا في أنه ليست كل بيئة “صالحة للزراعة” ستساعد على نجاح المدرب، زيدان كان يعتمد على فكرة “حرية التصرف و الإجتهاد الفردي لللاعبين في معظم المواقف “، قوة زيدان أنه كان واثقاً من لاعبيه لأبعد الحدود وهنا يدخل العامل النفسي الذي ساهم بشكل كبير في صنع تاريخ زيدان المدرب.
بالعودة لسنوات المجد للفرنسي مع ريال مدريد كمدرب طبعًا سنجد أن معظم المباريات التي فاز بها الفريق كانت على السانتياغو بيرنابيو وكانت في أغلب الأحيان ما تكون مباريات عودة ما يزيد ذلك من أهميتها، زيدان كان يبعث الطاقة و الشُحنة الإيجابية في اللاعبين لأنه أستاذ متمرس في تلك التفاصيل ويؤكد لهم أنهم قادرين على فعلها ليسيِّر المباراة وفقًا لمنهج لم يعد متوفراً له الآن لأن اللاعبين تغيروا، منهم من رحل و الآخر قد إنتهى بدنيا.
المهم أن الفكرة هنا، هي الفرق بين المدرب اللاعب و المدرب صاحب التاريخ التدريبي أو حتى التجربة التدريبية الواسعة من أشخاص أكثر كفاءة في كيفية منح اللاعب الحرية الشخصية في إتخاذ القرار أو الإلتزام بما ينص عليه تصور المدرب وفق ما تم التدرب عليه مسبقا وبذلك إلغاء فكرة الإجتهاد الشخصي للاعب.
فكرة تواجد مدرب لأنه لاعب أصبحت مستفزة جدًا لأن أسياد التكتيك وأصحاب الخبرة ينتظرون وظيفة على قارعة الطريقة بينما يتفنن البعض الآخر في التنكيل بمفهوم الكرة وتكتيكاتها وتاريخها بعلة أنه أسطورة سابقا.
يقول أريغو ساكي:”مع الأسف الناس أصبحت تقيّم عمل المدربين بطريقة سخيفة، هذا المدرب أفضل من ذلك المدرب لأنه فاز أكثر، ليست هكذا تسير الأمور، إن كنت تفسر الأمور هكذا، فإنك لا تطوّر من ثقافتك وقدرتك على معرفة إذا كان هذا الفريق يستحق الفوز أم لا، أنت شخص متخلف”.