محمد عواد – سبورت 360 – محلل رائع، كلماته تعجب المستمعين، يطالبون به أن يتواجد في ستوديو ما بعد كل مباراة، لكنه ما إن يتولى مهمة تدريب أحد الفرق، حتى يفشل بتحقيق النجاح الذي توقعه له الجمهور، وارتكب نفس الأخطاء التي كان ينتقد بها الآخرين.
في بلادنا العربية، قصص عن محللين رائعين تسببوا بهبوط فرق دربوها، ومنهم من فشل في كل تجربة وتمت إقالته، ولكن الحق يقال أن منهم من عاش نجاحاً وفشلاً، صعوداً وهبوطاً.
فلماذا يفشل المحللون الرائعون في التدريب؟
هناك عدة أسباب، تلعب مجتمعة دوراً مهماً في هذا الأمر، ونقدمها لكم هنا على شكل نقاط:
ليس هناك مدرب ناجح دوماً
من الأمور المهمة وحتى لا نظلم أحداً، ليس هناك مدرب ينجح في كل تجاربه ولو كان ناجحاً في معظمها، ولكن هناك أيضاً مدرب يفشل بمعظم تجاربه.
لذلك، بعض هؤلاء المحليين المدربين مروا بفترات رائعة كمدربين، ومروا بفترات سيئة، ومنهم من لم يعرف النجاح أيضاً رغم روعة تحليله، لكن وجب التمييز عند قراءة هذا التقرير!
هناك أناس نظريون!
في الحياة وتطبيقاتها، هناك أناس نظريون أكثر من كونهم عمليين، وهذا الأمر قد ينطبق على كرة القدم، كما ينطبق على غيرها من المجالات.
قد تقابل إنساناً تعتقد أنه أفضل مهندس في العالم لما يدركه من نظريات وتفاصيلها، وعند التطبيق يفشل، وهذا الأمر ينطبق على كرة القدم، قد يكون هناك من يفهم كل شيء، لكنه لا يستطيع تطبيق أي شيء!
نظرياً .. لا حدود للإمكانيات
عندما تحلل كرة القدم عكس أن تقود فريقاً، في التحليل ليس هناك حدود، فبإمكانك قول أي شيء ولا أحد يستطيع أن يقول أنك على خطأ.
في التحليل، ستقول “لماذا لم يضع ميسي على الجناح الأيسر”، “ولماذا لم يلعب كريستانو رونالدو كصانع ألعاب”، لا أحد يستطيع لومك، بل ربما تكون أفكارك نظرياً ممتازة، لكن عند التطبيق فهناك حدود للإمكانيات، والمنطق يمنع بعض الأفكار من التطبيق أيضاً، ومن محدودية الإمكانيات أن يقول اللاعب “لا”.
وضوح الأفكار والتواصل المباشر
من أكثر تصريحات اللاعبين عن أي مدرب يعجبهم “أفكاره واضحة ويعرف ماذا يريد”، في حين سمعنا تصريحات شهيرة بحق سكولاري على سبيل المثال عندما غادر تشيلسي “لم نفهم أفكاره”.
المدرب عبارة عن مفكر، وفي حال لم يستطع هذا المفكر إيصال أفكاره للاعبين كما يجب، فإنهم سيطبقون شيئاً آخر على الملعب.
فشرحنا طريقة عمل شيء ما لشخص لن يقوم به (المحلل للجمهور)، يختلف تماماً عن شرحنا لمن سيقوم به (المدرب للاعبين)، ومن هنا قد يكون بعض هؤلاء المحللين الرائعين لديهم مشكلة بإيصال أفكارهم.
عزل كل العوامل الأخرى
التحليل يشبه كثيراً لعبة كرة قدم على البلاي ستيشن، فليس هناك لاعب متمرد، وليس هناك أجواء سلبية بين اللاعبين، وليس هناك تدخلات إدارية ولا تدريبات إعدادية ولا دراسة فريق خصم، ولا علاقات شخصية.
التحليل مجرد مشاهدة أمر حدث، ووضع ملاحظات لمحاولة فهمه، وبالأصل قد لا تكون هذه الملاحظات صحيحة لكنها مقبولة، تماما كبعض النظريات العلمية التي آمنت بها البشرية لسنوات حتى اكتشفت أنها خاطئة.
هذا العزل، يوضح أن مسألة التعامل مع التحليل لا تشكل إلا 10% فقط من عالم التدريب الحقيقي.
الماضي والحاضر
لنتذكر.. التحليل يتعلق بشيء شاهدناه، والتدريب يتعلق بشيء سيحدث.. وشتان ما بين الأمرين!
التفاصيل
في التحليل يتحدثون عن عموميات، فأكاد أراهن على تكرار نفس الكلمات لكن بترتيب مختلف من استوديو إلى آخر، نسمع عن ارتداد هجومي، وتنظيم دفاعي، وجاهزية للكرات الثابتة، وتبادل مراكز .. الخ!
لكن كيف يتم ذلك… الجواب يكمن في التفاصيل!
هذه التفاصيل هي من تميز مدرباً عن آخر، فأكثرهم جاهزية لهذه التفاصيل والاحتمالات الممكنة، أقربهم للنجاح، وما التحليل إلا مجرد عموميات.
نظرية الطرف الثالث في لعبة الشطرنج
من يلعب الشطرنج، يعرف نظريقة اسمها “الطرف الثالث”، أي عندما تلعب مع صديق لك، وهناك صديق آخر يشاهد اللعبة، يكون هذا الطرف الثالث الأذكى على الإطلاق، فهو يشاهد كل الفرص المتاحة لتدمير الخصم.
لكن ما إن يجلس الطرف الثالث على الطاولة ليكون خصماً مباشراً، تجده أسهل مما اعتقدت بكثير، لأن من ينظر من الخارج دائماً يرى النواقص والفرص بشكل أفضل ممن يكون داخل المعركة ومطالب بمراقبة كل تفاصيلها.
الطرف الثالث .. من أسباب رؤيتنا بعض المحللين الرائعين يفشلون في عالم التدريب.
تابع الكاتب على الفيسبوك وتويتر: