محمد عواد – كووورة – وضع لا يحسد أحد برشلونة عليه، ظروف صعبة دفعت بكارلو أنشيلوتي مدرب الخصم اللدود ريال مدريد ليعبر عن تعاطفه مع الفريق الكتلوني عندما قال “لا تسرني الأشياء التي تحدث في برشلونة”، في حين توحد جمهور ريال مدريد وبرشلونة لأول مرة على رأي واحد متعلق بالمدرب وأسماء أخرى تدير النادي.
تعقيد المشكلة .. من تعدد أوجه المصائب
مشكلة برشلونة معقدة ليس لأن هناك مدرب يبدو غير مؤهل لإدارة الفريق، بل لأنها تأتي من كل الجهات، فالفريق بات مثل كرة يتم ركلها في كل الاتجاهات، الأمر الذي يجعل التقدم إلى الأمام مستحيل في هذه الظروف، ويجعل وجهتها غير معروفة.
التنكرمان!
نال كلاوديو رانييري أثناء تدريبه تشلسي لقب التنكرمان، وجاء هذا اللقب من الصحافة الإنجليزية نتيجة قيامه بعملية مداورة أكثر من اللازم، ومعنى الكلمة باللغة الإنجليزية “متجول”، أي أنه في كل يوم في مكان وعلى رأي جديد.
ولويس إنريكي منع برشلونة من الوصول إلى قمة مستواه، لأنه دفع بفريق مختلف كل مرة، ولأنه لا يملك رؤية واضحة، فالتشكيل الذي ينتصر يتراجع عنه، والخطأ الذي يتسبب له بمشاكل يعود إليه، ومن غير الواضح أي لمسة له في الملعب، وهذا طبيعي لأن لاعب برشلونة بات لا يعرف إن كان سيبدأ في المباراة المقبلة أم لا، وما هي معايير ضمانه مركزاً أساسياً.
فوضى لويس انريكي وتركيزه على الشكليات مثل برج المراقبة والجلوس على الكرة وإظهار قوة الشخصية، أدت إلى خلافات داخلية مع اللاعبين أخرها مع ليونيل ميسي الرمز رقم 1 في النادي الكتلوني.
ديكتاتور..
لا يحب جمهور برشلونة وصف نجمهم وأفضل لاعب في تاريخهم بلقب الديكتاتور، لكن هذا ما تفعله الصحافة تجاه ليونيل ميسي كلما حصلت مشاكل، وقد بات الأرجنتيني يظهر نوعاً من التمرد مع كل تصرف لا يعجبه في النادي.
فقد تأكد أنه كان في مطلع العام الماضي على شفا الرحيل إلى باريس سان جيرمان لولا تدخل الراحل تيتو فيلانوفا، ثم عاد اللاعب وتحدث في أكثر من مرة عن عدم راحته وعن أسباب عدم تألق الفريق، ليؤكد هذه التصرفات بمتابعته تشلسي في الانستاجرام كخطوة يعرف جيداً قبل أن يفعلها بأن الإعلام سينسج القصص حولها، وإن لم تكن تعني شيئاً في الحقيقة.
المسألة لم تتعد تتعلق برفض ميسي الخروج من الملعب، ولا حتى بوجود نظام لعب يركز عليه، فهذه أمور تحدث كروياً مع النجوم، لكنها باتت مشكلة نجم يحاول التدخل إدارياً، ويستخدم وسائل الإعلام العامة في المعركة الداخلية كلما أراد طلب شيء.
الانتهازي
بات رئيس برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو مستحقاً لصاحب لقب الانتهازي، وذلك بعد أن وصفه رئيس النادي السابق خوان لابورتا بهذا الوصف، فقد انتهز فضائح روسيل لينقض على الرئاسة، ثم انتهز غضب الجمهور من زوبيزاريتا ليعاقبه على تصريحات لم ترق له، فرحب الجمهور بالقرار، ولم يعرف أن الحقيقة مسألة تصفية حسابات.
الرئيس الحالي لنادي برشلونة لا يتصرف كرئيس دائم، بل كشخص يريد أن يضمن إعادة انتخابه في 2016، إنه يقاتل أطرافاً كتلونية أخرى أكثر من كونه رئيساً للنادي، وما فشل النادي بإدارة نجومه، وفشل النادي بالمعارك القضائية وحتى التسويقية أمام ريال مدريد، إلا دليل على أنه لا يملك إدارة بل يملك هدفاً شخصياً انتهازياً.
مدير الشركة
تسريبات من أوساط النادي الكتلوني تتحدث عن احتمال ترشيح خافيير فاوس لرئاسة النادي في وجه خوان لابورتا، وهذا في حال تأكد خسارة الرئيس الحالي للانتخابات في حال ترشحه لعدم حب الجماهير له، وبالتالي سيكون فاوس الواجهة الجديدة.
فاوس بات صاحب قرار قوي في أروقة النادي هذه الأيام حسب ما يؤكد صحفيون مقيمون في برشلونة، وهو الرجل الذي وصفه ليونيل ميسي في الماضي “بمدير الشركة” وذلك لأنه كان قد صرح بأن البرسا غير مجبر على تجديد عقد ليونيل كل فترة.
تضارب أفكار فاوس الاقتصادية مع أفكار برشلونة الرياضية، وتركيزه المفرط على الأرقام في الأوراق المالية، خلقت شقاً كبيراً في الصفوف، سواء كان هذا بين اللاعبين، أو الإداريين أو الجماهير، وما أدل على ذلك من أن فضيحة عقد نيمار بدأت من شكاوى داخلية من أشخاص برشلونيين!
المستغل
خوان لابورتا، قد يكون محبوب جماهير برشلونة، ويعد المنقذ في خيالهم هذه الأيام، لكنه لن يستطيع فعل ما قام به في رئاسته الأولى، لأن قوانين اللعب المالي النظيف ستمنعه من تكرار تحمل بعض الخسائر حتى يبني الفريق ويكبر النجوم الشباب، فالإنفاق بات لا بد له من التوازن مع الدخل.
لكن الرئيس السابق سيستطيع على الأغلب تحسين الأمور لأنه لا يمكن تصور أسوأ مما يحدث الآن، فلابورتا يعرف أهمية التميز الرياضي للتميز الاقتصادي على العكس من الإدارة الحالية، وبالتالي سيكون الحال معه أفضل بالتأكيد من الحال مع الإدارة الحالية التي تبدو مالكة للأهداف أو الاستراتيجيات.
لكن يعاب على خوان لابورتا أنه بات متصيداً لسقوط الفريق، وبات يعلن فرحه إذا حصل شيء سيء لناديه الذي يحبه في سبيل العودة كرئيس، وتصفية الحسابات مع الأشخاص الذين يعبترهم خانوه، فهو الموسم الماضي كان أحد السعداء بموسم جفاف الألقاب، وهذه المرة اندفع كلما سقط الفريق ليصرح ويؤكد على أنه الرجل المنتظر، إضافة لخلطه الطموح السياسي بالرياضي الأمر الذي دفع أعداءه لوصفه بالمستغل، والذي يخدع جمهور برشلونة من أجل أهدافه الشخصية.
خمسة اتجاهات مختلفة، ومشاكل مختلفة العمق والأنواع، والمطلوب حل سحري لكل هذه المشاكل معاً، حل يستطيع ضمان عزل ما يحدث في الملعب عما يحصل في المكتب، فهل تنجو مركبة برشلونة وتستمر في السير إلى الأمام، أم ستضطر للتوقف لفترة كما حدث من قبل مع ريال مدريد في أواخر عصر بيريز وبداية عهد كالديرون؟؟