محمد عواد – سبورت 360 – استقرت الأمور وهدأت الأجواء في بايرن ميونخ، فالجميع علم مصير الجميع، بيب جوارديولا يرحل إلى مانشستر سيتي، ليأتي بدلاً منه كارلو أنشيلوتي ابتداء من الصيف المقبل.
لا بد من التوقف مع هذه الخطوة الكبيرة من النادي الكبير والمدربين الكبيرين، وسوف نحاول تلخيصها من خلال 5 أفكار.
بايرن وفلسفة سوق ثنائية للمستقبل وللمدرب
أحد أهم التساؤلات التي تم طرحها عن بايرن ميونخ هو مستقبل لاعبين جلبهم بيب جوارديولا لتلائمهم مع فلسفته، وهذا السؤال تم طرحه في الماضي مع رحيل لويس فان جال والحديث عن مستقبل آرين روبن وماريو جوميز، وكذلك الحال كان الحديث عن خافي مارتينيز رغم إصاباته عقب رحيل يوب هاينكس.
هناك صنفنان من تعاقدات بايرن ميونخ تحت ظل هذه الإدارة؛ صنف يتعلق بأفكار المدرب، وصنف يتعلق بالمستقبل ما بعده، فبايرن ميونخ عندما جلب ليفاندوفسكي وماريو جوتزه لم يكن يريد إسعاد بيب جوارديولا فقط، بل هو يعلم أنهم لاعبون قادرون على النجاح مع أي مدرب آخر، وهذا الكلام ينطبق على فيدال ودوجلاس كوستا.
التشكك البافاري يظهر مثلاً من خلال استعارة كومان لانتظار المدرب المقبل، فرغم موهبته المميزة لا بد من ضمان رضا المدرب المقبل عنه، في حين أن صفقة تياجو الكانتارا تبدو مضمونة النتائج ومضمونة البيع لو أراد الرحيل، والكلام نفسه ينطبق على برنات.
الدعم الدفاعي الوحيد من بايرن ميونخ لبيب جوارديولا تمثل بجلب مهدي بن عطية، وهو ليس صفقة تناسب أفكار جوارديولا، لكنها صفقة دفاعية لو استعاد مستواه سيكون ناجحاً للغاية مع كارلو أنشيلوتي.
ملخص ما سبق، ليس هناك داعٍ للقلق على الأسماء، فالنجوم في بايرن إما قابلون للتطويع تحت أفكار أنشيلوتي، او قابلون للبيع بأسعار عالية.
أصعب 3 تحديات أمام أنشيلوتي
يواجه كارلو أنشيلوتي 3 تحديات مهمة في بايرن ميونخ، عليه النجاح فيها أو أن مصيره سيكون سريعاً خارج الأليانز أرينا.
التحدي الأول يتمثل بضمان بطولة الدوري من جديد، فالفشل فيه يعد كارثة، لأن النادي اعتاد الفوز به بشكل متكرر، ولا يبدو أن هناك أي منطق يبرر خسارته الموسم المقبل.
أما التحدي الثاني فهو إخراج أفضل ما لدى ماريو جوتزه، والاستفادة المثلى من فيدال والحفاظ على مستوى دوجلاس كوستا، وهي صفقات تقارب قيمتها 100 مليون يورو، وتثق الإدارة بها.
والتحدي الثالث يتجلى بمرحلة انتقالية شاملة، وذلك بالبحث عن بديل طويل الأمد لآرين روبن وفرانك ريبيري ليس من حيث الجودة فقط بل من قوة الشخصية والقيادة، وكذلك الانتقال من فلسفة بيب إلى فلسفة كارلو من دون ظهور اهتزاز أداء قد يؤثر على ثقة اللاعبين والإعلام.
الإصابات موجودة دوماً وكارلو أقيل بسببها !
منذ سنوات طويلة وبايرن ميونخ يعاني من الإصابات، ونستطيع القول أنه منذ عصر يورجن كلينسمان بدأت المسألة تصبح تقليداً بافارياً، فدوما هناك غيابات وازنة في أوقات مهمة، يكون ثمنها خسائر قاسية.
المفارقة في الأمر أن كارلو أنشيلوتي تعرض للإقالة من ريال مدريد بسبب الإصابات، فكلما امتلك الفريق كاملاً كان الملكي قوياً للغاية، فخسر فرصة ثلاثية الموسم الأول بسبب غيابات كثيرة في الأسابيع الأخيرة من الدوري، وفي الموسم الثاني فقد لوكا مودريتش وعدة لاعبين آخرين بالتناوب منعوا الفريق من الاستقرار على المستوى المذهل الذي وصلوا إليه.
دفاع بايرن ميونخ يعاني منذ سنوات ما عدا مراحل استثنائية
كلما قرأت لأحدهم ينتقد دفاع بايرن ميونخ الحالي ويتهم بيب جوارديولا بأنه السبب، أعرف جيداً أن المدرب الإسباني جلب اهتماماً متأخراً من قبل الإعلام ببايرن ميونخ.
فمنذ رحيل أوتمار هيستفيلد لم يعرف بايرن ميونخ دفاعاً حديدياً حقيقياً إلا في فترات متقطعة، فحتى الموسم الأول ليوب هاينكس لم يكن دفاع بايرن ميونخ مثالياً، لكن في الموسم التالي كان لديه فلسفة دفاعية قوية نجحت بحصد الثلاثية.
ودفع بايرن ميونخ ثمن هذا الدفاع السيء في نهائي دوري الأبطال ضد إنتر ميلان، وكرر الحكاية في الموسم التالي ضد نفس الفريق، وهو نفس الدفاع السيء الذي ظهر تحت فيادة فيليكس ماجاث أيضاً.
باختصار المعادلة بسيطة في بايرن ميونخ، وأعتقد أن كارلو أنشيلوتي يعرفها.. بايرن ميونخ بدفاع جيد = الفوز بدوري الأبطال !
بايرن ميونخ لا يحتاج لنجوم ريال مدريد
منذ تم الإعلان عن تولي كارلو أنشيلوتي مسؤولية تدريب بايرن ميونخ حتى بدأت الصحف بنسج أساطيرها الإعلامية عن اهتمامه بثلاثة أو أربعة لاعبين من ريال مدريد.
على كل حال تجارب أنشيلوتي السابقة تؤكد أنه ليس ذلك الرجل الذي يصطحب زمرته، فعندما ذهب لتشيلسي لم يتعاقد مع لاعبين من ميلان، وذات الأمر فعله بسان جيرمان لأنه لم يكن المشرف على شراء تياجو سيلفا وزلاتان بل كان ليوناردو وناصر الخليفي.
ورغم كثرة الكلام في ريال مدريد عن فيراتي وماتودي، فإن النادي الملكي لم يظهر جدياً أبداً في هذه الخطوة.
هذا من ناحية، أما الناحية الثانية فتتمثل بكون بايرن ميونخ يملك الجودة العالية، وما يحتاجه أكثر هو تدعيمات للعمق ولاعبين للمستقبل، فالتركيز على زمرة من الموهوبين الصاعدين أمثال ساني “شالكه” ولابورتي “بلباو” وبوجبا “يوفنتوس” يبدو أفضل استثماراً على المدى الطويل، كما أنهم أكثر جوعاً لإثبات الذات من جيل العاشرة المدريدي الذي وصل حد النجومية المطلقة.
أنشيلوتي ليس إيطالياً كلاسيكياً
من اكثر الأشياء المريحة في تعاقد بايرن ميونخ مع كارلو أنشيلوتي أنه ليس ايطالياً كلاسيكياً، أي ليس مدرب بفكر دفاعي واقعي كثير تغيير الخطط بناء على الخصم، بل إنه يلعب كرة هجومية ويحب المبادرة في معظم مبارياته.
هذا أمر أساسي في بايرن ميونخ، فهو سيد المانيا الذي يجب أن لا يخشى أحداً في الداخل وفي الخارج، كما أنه مهم للسعي الواضح من النادي في مسألة خلق انتشار تجاري يشبه انتشار خصومه الأوروبيين من ريال مدريد وبرشلونة ومانشستر يونايتد.
إدارة بايرن ميونخ هي ضمانة الاستقرار .. فرصة مثالية للإيطالي
لم يعرف كارلو أنشيلوتي في مسيرته منذ رحل إلى ميلان إدارة مستقرة تعرف كرة القدم وتعرف النجاح في آن واحد، فهو مر مع بيرلسكوني المتذبذب المتدخل، وكذلك مع رومان أبراموفيتش الذي أقال الجميع ولا نستبعد إقالته لنفسه يوماً ما.
ثم كانت تجربة ناصر الخليفي الذي لم يكن يملك الخبرة الكبيرة في إدارة الأندية الكبرى ، ويقول عنه أنشيلوتي “هددني بالإقالة بعد تعادل في إحدى المباريات وهنا قررت الرحيل”، إضافة لفلورنتينو بيريز ملك التدخلات والبيع والشراء على مزاجه، والذي لخص المدرب الإيطالي وجهة نظره به عقب إقالة بنيتيز بتصريحه “من الاستحالة أن يكون الخطأ على المدرب دوماً منذ عام 2009”.
في بايرن ميونخ الوضع مختلف تماماً، إدارة قوية تمنع وجود أي صدامات، وتحتوي أي خلافات تظهر سريعاً، وتتفق مع المدرب على شيء وتلتزم بذلك، ولا تتسرع بالإقالة وتعترف بخطأها، وليس مثال موسم هاينكس الأول إلا مثالاً على ذلك، فدعموه في الثاني بصفقات صنعت الفارق… والأهم من كل ذلك أن قلبها الأساسي على النجاح الرياضي وليس لديها مسائل شخصية في الحسابات.
تابع الكاتب على الفيسبوك وتويتر: