محمد عواد – في عصر المنتديات قبل سنوات عديدة، كان اسم حسابي “يوفي– أتلتيكو”، كنت مختصاً بترجمة أخبار ومتابعة قضايا يوفنتوس وأتلتيكو مدريد في المنتديات التي نشطت فيها، ومما أذكره أنني كنت “أحسد فالنسيا، وأتمنى رؤية أتلتيكو مثله”.
كان حلم أتلتيكو مدريد أن يلعب في دوري الأبطال، كان يجرب أسماء مختلفة، بعضها يتألق لفترة ثم يختفي نجمه، وبعضها يستمر بشكل جيد، وبعضها يرحل دون سبب وبشكل مفاجىء ليترك فراغاً كبيراً.. وكان الفشل يتكرر بشأن الصعود الأوروبي.
تحقق الحلم في 2008، أي قبل 13 سنة، بقيادة المدرب خافيير أجيري، وتألق المهاجمين دييغو فورلان وسيرجيو أجويرو، وأسماء جيدة في خط الوسط مثل مانيش وماكسي رودريغيز، وهو صعود جاء بفضل فارق المواجهات المباشرة مع إشبيلية.
6 سنوات بعد الصعود الأول، كان أتلتيكو يلعب المباراة النهائية في دوري الأبطال، وحقق لقب الدوري، ولعب بعدها دوري الأبطال كل مرة وخاض نهائي 2016، بل إن الهدف لم يعد التأهل للبطولة، وإنما المضي بعيداً جداً فيها، وبات الخروج من دور الـ 16 فشلاً.
بالأمس، كان أتلتيكو يرد بقوة على هدف فالنسيا الجميل، فسيطر على الملعب تماماً، وفاز 3-1 ليؤكد صدارته المريحة، ويصبح الخفافيش بلا أي انتصار على أتلتيكو منذ 2014 .. علماً أن فالنسيا في لحظات صعود أتلتيكو كان دائماً المثال الأفضل الذي “يحسده مشجعو أتلتيكو”.
لو أردت اختصار جواب سؤال “كيف تغيرت الأحوال؟”، سأقول “الهوية”، فأنت قد تنجح بالصدفة موسماً، ولكنك لن تستطيع تكرار نجاحك دون هوية ثابتة، والهوية ليست فقط فلسف لعب، بل نوعية لاعبين، ونوعية مدربين، واستراتيجية انتقالات، وثبات بالأهداف المستقبلية، والنموذج التجاري للنادي.
فالنسيا طارد نجاح المواسم معتقداً أن هذا خلاصه من مشاكله المالية، كان يبيع ديفيد فيا وديفيد سيلفا ويعوضهم بمن لا يشبهونهم أبداً مثل سولدادو وأدوريز وكوستا، يغير مدرباً بأسلوب، ويأتي بمدرب آخر بأسلوب آخر .. لم يكن هناك موسم يشبه الآخر، فكان طبيعياً أن يبقى مكانه والآخرون يتقدمون.
قد يكون الجواب الآخر للسؤال هو الإدارة، فمن أول يوم وصلت فيه إدارة أتلتيكو مدريد لدوري الأبطال، ظهر امتلاكها رؤية في رصد المواهب، ورؤية في أخذ قرار شجاع بالدفع الكبير من أجل لاعب واعد، ورؤية في استبدال اللاعبين، ورؤية في الأسلوب المطلوب ، ورؤية في ضرورة الحفاظ على سيميوني سعيداً.
جلبت مستثمرين، بنت ملعباً جديداً، استبدلت نصف فريق قبل موسمين، كل شيء كانت تقوم به يمتاز بالطموح لا بالخوف، يمتاز بالشجاعة نحو بناء فريق أكثر استقراراً ونجاحاً .. فريق لم يعد يعتمد على سيميوني فقط، بل بات مؤسسة سوف تستمر بنجاحها، ولو أخفقت موسماً أو اثنين، سوف تعود.