ليلة لا تنسى في البريميرليج من هذا الموسم .. فكر جديد وصل
محمد عواد – سبورت 360 – انتصار مهم حققه مانشستر سيتي في صراعه على اللقب المحلي، انتصار جاء في ملعب الجار مان يونايتد، وتفوق من خلاله بشكل واضح فنياً، حيث كانت كل دقيقة من اللقاء تظهر أن هناك شيئاً يملكه الأزرق ويفتقر له الأحمر.
وكأنه لقاء بين طابقين مختلفين
يجب الاعتراف أن مانشستر سيتي ظهر كأنه من طابق مستوى أخر غير مستوى مانشستر يونايتد، ورغم أن الجودة الفردية في الشياطين الحمر متوفرة، لكن النظام التكتيكي والرغبة بإثبات الذات واللعب على نقاط القوة جعل المسألة تبدو مختلفة.
ظهر مانشستر يونايتد لا يعرف كيف يفوز، ولا يعرف ما عليه فعله، في حين ظهر مانشستر سيتي حافظاً لكل خطوة من خطواته، وعارفاً الطريق الأسرع إلى المرمى، ولعل غياب الكرة في الشوط الأول إلى درجة 70% خلقت هذا الاهتزاز الأحمر، والشعور بالتفوق الأزرق المطلق.
جوارديولا تفوق على نفسه
لعل أهم ما جاء في هذا اللقاء، أن بيب جوارديولا تفوق على نفسه في هذا اللقاء أكثر مما تفوق به على مورينيو.
بدأ ذلك من حيث وجود مفاجآت بأسلوب بناء اللعب، فلم يتكرر سيناريو دخول الظهيرين إلى العمق لأنه كان يعلم أن جوزيه مورينيو حضر شيئاً لهذا الأسلوب، فصدمه في الشوط الأول بأسلوب مختلف.
وأضاف جوارديولا شيئاً جديداً لنفسه، عندما عمد بالشوط الثاني لخسارة الاستحواذ، ولعب على الهجمات المرتدة، التي كادت أن تؤدي إلى كارثة بالنتيجة على الشياطين الحمر تشبه كثيراً فوز فريق روبرتو مانشيني 6-1 على السير اليكس فيرجسون.
يمكنني القول هنا إنها ليلة من أجل جوارديولا، فقد اعترف العالم له بفكره المتقدم، وثورته الكروية التي يحدثها أينما كان، وربما لو واصل بهذا الشكل سيحصل على الإنصاف الذي يستحقه، وغاب عنه أيام تدريب بايرن ميونخ.
سرعة ظهور اللمسة والتاريخ يقول الفوز طبيعي
لعل بيب جوارديولا هو أحد أسرع المدربين إظهاراً للمسته على الفريق، وذلك عائد إلى فلسفة ثابتة يملكها ويعرف كل تفاصيلها، فيلقن اللاعبين سريعاً المطلوب، ويخبرهم بالتفاصيل المتعلقة بالتمركز وطريقة نقل الكرة.
منذ المباريات الودية، كان مانشستر سيتي بحالة مختلفة سواء من حيث افتكاك الكرة أو نسب الاستحواذ، وهذه السرعة بظهور اللمسة، أفادت القمر الأزرق بصدمة الشياطين الحمر لوجود اللقاء مبكراً في جدول الدوري.
على الناحية الأخرى، هناك مدرب لا يملك فلسفة ثابتة بل هو يبحث حتى يجد أفضل طريقة ممكنة للفوز، ولعل قاعدة “الموسم الثاني” المتعلقة به تؤكد هذا الأمر عن جوزيه مورينيو، فلو كانت عملية البناء الفني خلال الموسم من 10، يمكنني القول إن مان سيتي دخل محققاً 8 من 10 من مرحلة بناء الفلسفة مستفيداً من أن مدربه جوارديولا، أما مان يونايتد فربما ما زال في 6 من 10 متأثراً برغبة مورينيو بالبحث كثيراً.
أول مباراة خاضها مورينيو مع جوارديولا في الإنتر انتهت بتعادل سلبي على ملعبه وسط أداء جبان، لكنه في نصف النهائي فاز 3-1، ليصح ما نسب إليه في المؤتمر الصحفي السابق لذلك اللقاء “صدقوني سترون إنتر مختلف هذه المرة.”
كذلك الحال مع ريال مدريد في الدوري، تلقى 5-0 و3-1 في افتتاح مواجهات الموسم الأول والثاني في بطولة الدوري، وخلال الموسم الأول عاد وتعادل ثم فاز بالكأس، وفي الموسم الثاني ذهب وكسب اللقب 2-1 في الكامب نو، وقدم فريقه مباراة عودة مذهلة في بطولة الكأس على نفس الملعب.
وهذا يقودنا إلى حقيقتين؛ دائما ما يبدو جوارديولا أفضل في المواجهات المبكرة ضد مورينيو، وأن البرتغالي لا يجيد اللعب في ملعبه ضد جوارديولا وفلسفته، لكنه يقدم شيئاً أفضل خارج قواعده ضد ملك الكرة الهجومية الشاملة، ومن هنا يصبح الفوز الذي جاء طبيعياً ولو كان مهماً .. لو نظرنا لتاريخ مواجهة الاثنين.
أغرب خطأ ارتكبه مورينيو
لعل عدم الدفع بخوان ماتا الذي بدأ أساسياً 3 مباريات بشكل مفاجىء لحساب مختاريان، ومنح لينجارد أول فرصة لعب في الدوري هذا الموسم في مواجهة الديربي، هو أمر يجعلني أصفه بأغرب خطأ في اللقاء.
فخوان ماتا لم يكن سيئاً في أي مواجهة خاضها، وهو لعب ضمن المنتخب الإسباني، ولعب ضد برشلونة في عدة مواسم، أي أنه يعرف كيف يتصرف بشكل أو بأخر ضد فلسفة الضغط “الجوارديولية”.
أما مارسيال، فقد كان سيئاً في كل لقاء خاضه منذ يورو 2016، لكن بديله ينبغي أن يكون راشفورد، الذي لم يخيب الظن بأي دقيقة لعبها، والدفع بلينجارد بشكل مفاجىء لا يبدو مفهوماً.
وعندما تلعب ضد قريق يديره بيب جوارديولا، تكون الأطراف عادة هي فرصتك للنجاة والنجاح، والقيام بمغامرة تزيد الأمور تعقيداً، وتجعلني أقول بحث مورينيو عن مفاجأة لا فائدة منها.
نظرة للأفراد ..ليلة أوتاميندي ودي بروين وفيلايني ليس المشكلة
ما قدمه أوتاميندي في هذا اللقاء كان مهماً للغاية، فقد احتوى زلاتان إبراهيموفتش بشكل مذهل، واستطاع التفوق بالهواء عليه، وكذلك منعه من استغلال قوته الجسدية للوقوف على الكرة.
أما دي بروين، فقد قدم أفضل مباراة له تحت قيادة بيب جوارديولا، فقيامه بأدوارتكتيكية مميزة، ودمجه بين دور صانع اللعب والمهاجم الوهمي في بعض الأحيان، وهو بالتأكيد مفتاح هذا الانتصار.
في المقابل، قرأت الكثير من الهجوم على فيلايني ودوره، ولعل هذا الهجوم ناشىء عن ذاكرة الموسم الماضي، وكذلك عن الخسارة المؤثرة.
لو نظرنا للمباراة بهدوء، فمروان قدم مباراة جيدة جداً، قطع خلالها الكثير من الكرات (أكثر لاعب في المباراة)، وقدم التمريرات الصحيحة كلما ساعده زملاؤه على ذلك، ولا أتوقع من مورينيو الوقوع في فخ “كبش الفداء” هنا والتضحية باللاعب البلجيكي.
لم يعجبني أداء روني تحت الضغط، وبالتأكيد خيب مختاريان الأمل به في أول مباراة له كأساسي وهذا غير مستغرب، في حين كان رحيم ستيرلينج الأقل قدرة على استغلال ترنح مان يونايتد أمامه.
لا للتغيير الجذري .. لكن هل من توقف عن لعب روني مع زلاتان في المباريات الصعبة ؟
كعادة كل خسارة، يتلوها تقرير عن رغبة المدرب بتغيير جذري، واللعب بخطة كذا أو كذا، الإطاحة باللاعب الفلاني وربما هذه المرة اللاعب الفيلايني!
منطقياً، ما جرى هو سقوط مرشح أمام مرشح أخر، وهي الخسارة الأولى هذا الموسم فقط، والقيام بهدم كل الأفكار التي بدأت منذ الصيف بسبب 90 دقيقة مهما كانت سيئة، يجعلك تسأل “هل فعلاً يؤمن مورينيو بأفكاره؟”، ومن خلال معرفتي بتاريخ هذا المدرب أقول “نعم هو يؤمن بها..لذلك أستبعد الثورة الجذرية”.
سيركز جوزيه مورينيو أكثر على مسألة نقل الكرة وبناء اللعب بشكل سريع، فهي النقطة التي أظهرت فريقه تائهاً سيئاً أمام ضغط رجال جوارديولا، تماماً بشيء يشبه ليلة 5-0 ضد برشلونة.
منطقياً، لو كان مورينيو هادئاً حكيماً فلن نرى تغييراً جذرياً بالتشكيل، لكنه سيعرف نقاط انفصال لاعبيه عن بعضهم ويحاول تعديلها، وبالتالي قد نرى تجارب أكثر تتعلق بمركز مختاريان وروني وماتا وهيريرا وراشفورد ومارسيال من حول بوجبا وفيلايني وزلاتان، حتى يستطيع الوصول لمعادلة نقل كرة مهما كانت قوة الخصم.
مسألة أخرى ربما ينبغي التوقف عندها، تتعلق بلعب وين روني مع زلاتان، حيث ظهر البطء شديد جداً بالنسبة لمباراة بحجم الديربي، وإن كانت هذه الثنائية ناجحة في المباريات الأسهل، فربما ينبغي التفكير بها مرتين قبل المواجهة الصعبة المقبلة، لأن هذا البطء ضد مدافعين بجودة عالية يجعل الأمور صعبة.
بعض من الشباك النظيفة يحتاجها مان سيتي
مباراة رابعة على الترتيب لبيب جوارديولا في الدوري الإنجليزي لم يحافظ فيها على نظافة شباكه في أي منها، ولو حقق الانتصار فيها جميعاً.
يبدو أن المدرب مركز أكثر في البداية على الهجوم والحسم وهذا تفكيره عبر مسيرته، لكن بعض الشباك النظيفة في المباريات المقبلة سيكون مهماً للحفاظ على الصدارة وعدم التعرض لمفاجآت الدوري الأكثر تعقيداً في العالم.
الخلاصة .. نصر مذهل للسيتي لكن ذلك لا يعني شيئاً
انتصار السيتي مذهل، ولعلها المرة الأولى التي يخرج فيها الديربي والجميع يتحدث عن شخصية مختلفة للسيتي ونقلة نوعية واضحة في الشكل والاهتمام والإقناع.
لكن في مثل هذا الموسم المعقد من البريميرليج، لا يكفيك الفوز على خصمك المباشر كي تحسم اللقب، فهناك ليفربول وتشلسي وارسنال وتوتنهام ينتظرون خلق مشاكل لك بأي شكل، ومن هنا يتم حسم الأمور.
في تقارير عديدة سابقة، أظهرت الإحصائيات أن النتائج المباشرة بين الاثنين المتنافسين لا تعني كثيراً بخصوص حمل اللقب، لكن ما يظهر علاقة أقوى مع الظفر باللقب، هو نتائج الفرق مع الستة الكبار، وهنا الحديث عن فريقي مدينة مانشستر وتشلسي وآرسنال وتوتنهام وليفربول.
تابع الكاتب على شبكات التواصل الإجتماعي:
سناب شات : m-awaad