محمد عواد – كووورة – تستعد الأندية الإنجليزية لخسارة المركز الثاني في التصنيف الأوروبي الرسمي لصالح الدوري الألماني، إن لم يتحسن أحوال فرقها في بطولة دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي.
ولا يعد التراجع هذا الموسم جديداً لأن الموسم الماضي شهد غياباً مبكراً لمعظم الفرق الإنجليزية عن الأدوار المتقدمة في البطولتين القاريتين باستثناء تشلسي، أما موسم 2012-2013 فلم يجتز أي فريق منها دور الستة عشر، وفي موسم 2011-2012 كان تشلسي الاستثناء الوحيد الذي مضى بعيداً، مما يدفع للتساؤل “لماذا فقد الدوري الأكثر تنافسية في العالم هيبته الأوروبية والموثقة بالأرقام والنتائج في البطولات القارية؟”.
فيما يلي نستعرض أهم الأسباب التي تقف خلف هذه الحالة:
تغيير في الفلسفة الكروية
عندما سيطر الإنجليز على الأجواء الأوروبية كانوا يشكلون نقلة نوعية في أسلوب لعب كرة القدم، القائم على مزج السرعة بالقوة البدنية، ولم تستطع أوروبا استيعابه بداية، ليكون هناك النهائي الإنجليزي وتكرار وصول فرق البريميرليج إلى المباراة النهائية في 5 سنوات متتالية ما بين 2005-2009.
توقيت فقدان الكرة الإنجليزية لسيطرتها كان مصاحباً لنهوض الثورة الكروية الجديدة التي جاء بها جوارديولا وغيره من المدربين المؤمنين بالكرة الشاملة والاستحواذية، فاستفادت فرق كثيرة ولو متوسطة الحجم مثل شاختار وبازل من هذا التطور لتعاني أمامها الفرق الإنجليزية التي لم يتجه أي منها لهذا الفكر.
ورغم محاولة وصف ارسنال – غير الدقيق – بأنه يلعب مثل برشلونة، فالموسم الماضي كان ساوثامبتون الأكثر تطبيقاً للفكر الاستحواذي بنسبة 56.5%، لكن يمكن القول إن هذا الموسم ظهر انتقال تدريجي للفكر الجديد، وهذه مسألة تحتاج وقت لحصد نتائجها.
فلسفة أخرى ظهرت في كرة القدم قادها بروسيا دورتموند وأتلتيكو مدريد واستفاد منها ريال مدريد في طريقه إلى البطولة العاشرة، إغلاق المساحات في الخلف، وأسلوب ضغط مختلف والضرب بالهجمات المرتدة، وأيضاً هو أسلوب لم يستفد منه الإنجليز و لم يطبقوه.
دوري تنافسي ومجزي مالياً
الفوز بلقب الدوري الإنجليزي يمنح حامل اللقب (حسب أرقام الموسم الاخير) ما يقارب 78 مليون يورو، في حين حقق ريال مدريد الموسم الماضي دخلاً من وصوله إلى اللقب في دوري أبطال أوروبا 57.4 مليون يورو، في حين أن تشلسي الذي وصل إلى نصف النهائي حقق 43.4 مليون يورو، أما يوفنتوس الذي خرج من الدور الأول فقد حقق 43.1 مليون يورو.
الأرقام السابقة توضح أن المضي بعيداً في دوري الأبطال لا يخلق فروقاً مالية في الحسابات، وعادة ما تصبح الأرقام متقاربة بمجرد اجتياز الدور الأول وضمان الجوائز المالية الأساسية وعوائد حقوق البث، وهذا ما لا يجعل الخروج مبكراً من دوري الأبطال في انجلترا سبباً لإعلان الطوارىء والتحديث الجذري، والأمر يصبح أكثر إلحاحاً مع الدوري الأوروبي لأن جوائزه أقل بكثير.
أمر أخر مهم يتعلق بالبريميرليج، فالبطولة عالية التنافسية لا تسمح للفرق المشاركة في الدوري الأوروبي خصوصاً أو دوري الأبطال عموماً بالتضحية ببعض النقاط هناك أو المغامرة بنظام المداورة، لأن لعبة الكراسي خصوصاً مع النصف الأول من الموسم تكون سريعة للغاية، وهذا يؤثر على حصد النقاط في نظام التصنيف.
جودة اللاعب الإنجليزي
كل الفرق التي تفوقت أوروبياً في السنوات الأخيرة امتلكت عدداً من اللاعبين المحليين المميزين، بل إن ثورة مان يونايتد عام 1999 كانت بمجملها محلية، وبرشلونة امتلك العديد من الإسبان في عهد هيمنة جوارديولا، وكذلك حال بايرن ميونخ في السنوات الخمس الأخيرة، وريال مدريد عندما حقق العاشرة كان يملك أعلى نسبة من الإسبان بالنسبة لتشكيلاته في العصر الحديث.
جودة اللاعب الإنجليزي تنعكس بوضوح على نتائج منتخبه، وفي ظل غياب هذه الجودة فإن الفرق تصبح معتمدة بشكل أساسي على الوافدين من الخارج، وهم بشكل عام أكثر ترحالاً، فمن الصعب إيجاد أمثال ستيفن جيرارد وفرانك لامبارد من جنسيات أخرى مع فرقهم وهذا يؤثر كثيراً على استقرار الفريق ويجبره على تغيير خططه بشكل مستمر، وقد تكون حالة خافيير زانيتي مع انتر ميلان حالة نادرة للاعب أجنبي استمر مع نفس الفريق لسنوات طويلة.