لماذا لا يوجد نادي قوي لكرة القدم في الزرقاء الأردنية؟

محمد عواد – سبورت 360 – تعد الزرقاء المدينة الثانية في الأردن من حيث التعداد السكاني، ويراها كثيرون في المرتبة الثانية من حيث الأهمية الاقتصادية للمجتمع المحلي، ولكن هذه القيمة المثبتة لا تنعكس رياضياً على نادٍ يحمل اسمها أو يمثلها.

عدي الصيفي وخالد سعد والدبور جريس تادروس وهشام عبد المنعم وشقيقه جهاد، كلها أسماء مثلت المنتخب ورفعت علم البلاد عالياً، وجميعهم ينتمون إلى الزرقاء، لكنهم لم يستطيعوا خدمة اسمها كروياً فاكتفوا بتمثيل فرق أخرى تعتبر جغرافياً منتمية إلى العاصمة الأبية، عمان.

وفي كرة القدم الحديثة، لم تعد المركزية مقبولة ولا صحية، فالمدن لها أنديتها، الأمر الذي ينعكس على توسيع قاعدة اللاعبين النظاميين منذ الصغر، فيتم صقل الموهبة بشكل أفضل بعيداً عن فوضى الشارع، ويتم خلق سبب جديد لمتابعة الكرة المحلية وحمايتها من سطوة العولمة، وهذا ما يجعلنا نشاهد ملاعب بطولات أوروبية محلية ضعيفة ممتلئة في كل المواجهات.

نادي الحسين إربد وجاره الرمثا مثال واضح على أهمية أندية تمثل مدناً أو بلدات ذات كثافة سكانية عالية، فكم من لاعب قدموه للمنتخب الوطني، وليس عارف حسين ولا بدران الشقران أصحاب الأهداف الحاسمة إلا مثالاً بسيطاً، وربما كنا سنخسرهم لو يمكن هناك أندية في تلك المناطق.

الهدف التالي يعتبر أول بطولة رسمية حقيقية في تاريخ منتخب الأردن وسجله ابن الزرقاء جريس تادرس

مؤخراً، انتشرت عدية أندية جديدة مثل الشيخ حسين والمنشية التي تمثل مناطق في المملكة، وقدمت للكرة الأردنية خيارات جديدة، كما أن سطوع نجمها لفترات سيساعد على جذبها المزيد من المواهب الشابة في مناطقها، وتأمين شيء من الفكر النظامي في اللعبة.

نعود لحديثنا عن مدينة الزرقاء، حيث أكثر من مليون مواطن، ونشاط اقتصادي واضح، وفئة شبابية عالية النسبة، وهي تشبه في تركيبتها السكانية كثيراً تركيبة عمان العاصمة، التي انبثق عنها عمالقة في الكرة الأردنية؛ الوحدات والفيصلي وشباب الأردن.

وبما أن الزاد البشري موجود، والطبيعة الاقتصادية للمحافظة تحتاج فقط الشرارة الأولى لتأمين الدعم المالي للنادي من أبناء محافظته، إضافة إلى توفر ملعب جاهز لاستضافة المباريات الرسمية، فإن لا شيء يمنع من إقامة نادٍ قوي بهدف استراتيجي في الزرقاء، إلا غياب الإرادة أو ربما غياب الوعي بالتغيرات التي تحدث من حولنا.

حسب وكالة بترا وفي خبر منشور في تاريخ 22-06-2013، تلقى نادي ذات راس دعماً مالياً من شركة الفوسفات، كما أن عدة شخصيات سياسية واقتصادية ووطنية ربطت اسمها بأندية كرة قدم مختلفة، والزرقاء لا تفقتر لا للمؤسسات الكبرى ولا للشخصيات القادرة على دعم ناديها، ما إن وجد وأعطى بارقة أمل.

ما زلت أذكر تلك المباراة بين الزرقاء ونادي القوقازي الموجود في المحافظة أيضاً، والذي كان الفائز فيها يتأهل إلى الدرجة الأولى ملطع التسعينات، لكن الخسارة تسببت بتأهل القوقازي ،ولعل وصول اسم “الزرقاء” إلى الدرجة الاولى كان أفضل لخلق حراك كروي محلي من وصول فريق لا يحمل اسمها في تلك الفترة، خصوصاً أن القوقازي يعتبر عند عموم أهل الزرقاء نادياً يمثل فئة منهم ولا يمثلهم جميعاً، حيث أنه لأشقائهم وشركائهم في الوطن من المواطنين أصحاب الأصول الشيشانية والشركسية.

قد يكون هناد نادي يحمل اسم الزرقاء الرياضي في المحافظة، لكن يمكنني وصفه بأنه “رفع عتب”، فليس هناك الاهتمام الكافي به، ولا الدعم الحقيقي ولا الأهداف الطموحة، بل أستطيع أن أؤكد أن 90% من أبناء الزرقاء لا يعرفون أين يقع مقره.

لا يخفى على أحد، أن مجرد الانتقال من محافظة إلى أخرى يحمل الأطفال مصاريف عالية قد تمنعهم من الالتحاق بكرة القدم الرسمية، خصوصاً في ظل تقديس العائلة الأردنية للتعليم وضياع الوقت في المواصلات سيقتل فرص كثيرين باللعب النظامي منذ الصغر، وبالتالي تضيع على البلاد مواهب مميزة، في حين ينتظر الفيصلي والوحدات وشباب الأردن تبلور بقايا المواهب في الزرقاء ممن يتحملون معاناة التنقل اليومي للتدريب، حتى يلعبوا معهم.

مثال مصر مهم على هذه المسألة، فأندية المدن هي النكهة الحقيقية للدوري، رغم أن أندية القاهرة هي المسيطرة، لكن الاسماعيلي والمصري بورسعيدي والاتحاد السكندري والمحلة قدموا الكثير للكرة المصرية، ذات السيادة الأفريقية عبر التاريخ.

ومع وصولي لنهاية هذا الموضوع، لم أعرف يوماً سبباً لعدم وجود نادٍ في الزرقاء، وأرفض هنا تماماً أفكار المؤامرات والاتهامات ذات الطابع السياسي، فلم يكن هناك محاولات بالأساس لنقول ذلك، وأستطيع التخمين إن المسألة كانت ناجمة عن سنوات طويلة من المركزية لتي حكمت عقلية البلاد، لكنها ليست صحية في كرة القدم على الأقل.

أتخيل نادياً في مدينة الزرقاء، يحمل اسمها وألوان علمها، يلعب ويمضي بعيداً في بطولة الدوري، وأتخيل عديداً من نجومها يصعدون ليمثلون منتخب بلادنا، ويتعبون ويسجلون، فالجميع شريك في هذا الوطن، ومنح الجميع فرصاً متساوية سيعود بالنفع على المنتخب.

تابع الكاتب على الفيسبوك وتويتر:





Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *