محمد عواد – من الأرشيف – سوبر – كرة القدم كانت في البداية لعبة وهواية، ثم تحولت الآن لتجارة واقتصاد وعلم يقوم على أدق التفاصيل، هي تغيرت إلى حد فاق كل التوقعات، ومع هذه التغييرات نسينا جانباً مهماً من حياة اللاعبين، هذا الجانب هو “أنهم بشر!”.
كنت اقرأ تصريحاً لمهاجم بايرن ميونخ إيفيكا أوليتش عن مسألة تجديد عقده وهو التصريح الذي أوحى لي بفكرة هذا الموضوع، فلأول مرة اقرأ من لاعب كرة كلاما بهذه الصراحة “لدي أسرة ولدي أطفال في المدارس، أريد أن أعرف في أي مدرسة يجب تسجيلهم”، هم يسجلون أبناءهم في المدارس مثلنا تماماً؟…هكذا كان سؤالي، الأندية والصحافة تنسى هذا عند التعامل مع النجوم، فنحن نرى أوليتش مجرد مهاجم يحتاجه فريق كذا وكذا، وننسى أنه انسان له علاقات أخرى وأبناء وأهل.
اللاعب المشاغب كما تحب الصحافة أن تسميه ماريو بالوتيلي، شاب عمره 21 عاماً قامت الدنيا عليه ولم تقعد لأنه ارتكب حماقة في بيته بالألعاب النارية، وقبل ذلك كانت الصحف الإيطالي تراقبه كلما قاد سيارته بسرعة أو تهور ودونت ذلك بأخبار مستقلة، لكن لو فكرنا بانسان أخر عمره 21 عاماً لكنه ليس نجم كرة قدم، لوجدنا أن ارتكاب حماقة أو قيادة سيارة بتهور من طبع هذا السن، وبالتالي فمرة أخرى نسينا الجزء الأهم أن هؤلاء بشر.
قرأت مرة أن أسوأ لحظة في ذاكرة جوزيه مورينيو هي لحظة إقالة والده من تدريب إحدى الفرق في يوم عيد الميلاد عندما كان السبيشل وان يبلغ من العمر 9 أعوام فقط، يومها وحسب ما صرح جوزيه للصحافة الإنجليزية لم يتناول أحد من الأسرة الطعام، وقال إن الهاتف جاء في لحظة تناول الأسرة لطعامها المعد خصيصاً للعيد، ولكن لم يستطع أحد إكماله لأن الوالد بات بلا عمل…ونحن الآن كل ما يهمنا عندما تتم إقالة مدرب، من سيخلفه ولماذا طرد وأين سيذهب، وننسى الجانب الإنساني بأنه مهما كان أجره مرتفعاً فإن شيئا ما في أسرته سيتعرض للاهتزاز والحزن.
فيليبو، ذلك الطفل الإيطالي الذي يشجع الإنتر وسأل فريقه “هل ستفوزون اليوم؟”، وبرر ذلك بأن أصدقاءه في المدرسة يسخرون منه دوماً لخسائر الإنتر وكان يومها رد جماهير اليوفي بطريقة ساخرة “فيليبو عليك تغيير فريقك أو تغيير المدرسة”…سألت يومها : ” تخيلوا هذا حال فيليبو المشجع للإنتر، فما هو وضع أبناء لاعبي هذا الفريق في مدارسهم من الإحراج؟”….
عندما نذكر أن فرانك لامبارد رفض الانتر وبقي مع تشيلسي لأنه لا يريد ترك والده وحيداً، وعندما نعرف أن تشيزاري برانديلي رفض تدريب روما ليبقى مع زوجته المريضة قبل وفاتها، وعندما نفهم أن نيدفيد رفض الانتقال لتشيلسي يوما ما كي لا يسأله طفل “لماذا؟”، وعندما يتحطم مستقبل لاعب مثل أدريانو (اكتئاب) وزميله أيضاً السابق في بارما أدريان موتو (إدمان) لحب فاشل، …. فإننا ندرك بأنهم بشر!
عندما نذكر أن هؤلاء اللاعبين بشر… عندما نذكر أنهم مثلنا وأن أصلهم طين ومرجعهم تراب….فإن كرة القدم سيصبح لها طعم أجمل وسنفهم الكثير الكثير مما يجري من حولنا، فالمسألة ليست أرقام وحسب!