محمد عواد – من الأرشيف – سوبر – كرة القدم بشكل خاص والرياضة بشكل عام ، بدأت هواية ثم تحولت لوظيفة، كانت لعبة الفقراء وأصبح من يشتهر فيها الآن ثرياً يحسده الأثرياء أنفسهم ، فالجميع يتمنى أن تكون له لياقة والجميع يحب أن يلعب، فماذا لو تدربت لتملك اللياقة ولعبت وفي النهاية دفعوا لك الملايين… كثرة المال مفسدة تماماً مثل ندرته، لذلك تحول الكثيرون إلى آلة يتم الدفع لها فيلعبون من أجل المبالغ المدفوعة فقط، لكن ما الذي يحدث عند يجد نجم الرياضة شيئاً أخر يلعب لأجله غير المال؟
محمد علي كلاي، أسطورة الملاكمة الذي ساد اللعبة بعقله قبل قبضته، يقول عنه المدير الرياضي الخاص به :”لقد كان عادياً، وعندما لعب على الحزام العالمي لأول مرة ظن الجميع أنه قادم ليتلقى الضربات ويسقط لينال شهرة الخاسر ضد بطل العالم… لكنه كان أذكى من الجميع والسبب أن هناك قضية كان يقاتل من أجلها، كان يريد إيصال صوت السود المظلومين إلى العالم، وكان يريد لتصريحاته أن تصل أبعد مدى، لقد تغير كلياً عندما تحول للاسلام وأصبح مؤمناً بضرورة اللعب من أجل المظلومين”.
دييغو أرماندو مارادونا، أسطورة كرة القدم الذي تمنى الصغار لو ولدوا مبكراً ليشاهدوه يلعب ويتمنى العواجيز لو تأخرت بهم أمهاتهم حتى موعد لعب مارادونا، حتى عام 1986 لم يكن أحد يتحدث عن كونه الأفضل في التاريخ، لكن حرب الفوكلاند وانتصار بريطانيا على بلاده وقتلها وأسرها العدد الكبير من مواطنيه، جعله يتوعدهم قبل مواجهة انجلترا في دور الثمانية من المونديال، في ذلك اللقاء سجل مارادونا هدفاً باليد وأتبعه بهدف جعل الانجليز يتمنون لو سجل هدفاً أخر باليد لأن في الثاني تخليد لتفوق لاعب واحد على منتخب كامل… أهدى مارادونا الانتصار لشعب بلاده وبعدها انفجر في البطولة ولم يوقفه أحد حتى عاد باللقب، فهو وجد شيئاً أخر غير الشعبية والجماهيرية والنجومية ليلعب من أجله.
وعندما تجد أتلتيك بلباو يقاوم حتى الآن من دون التنازل عن مبادئه الباسكية وتجده ضمن الأكثر تتويجا في تاريخ البطولة فإنك تدرك بأن هناك أكثر من المال لتلعب لأجله، وعندما أشعل خوان لابورتا القضية الكتلونية في قلوب بعض اللاعبين أصبح برشلونة مرعباً بل أصبح الأفضل في التاريخ، وعندما نشاهد عجوزاً مثل فيرغسون حقق كل شيء ويرفض الرحيل لأنه وعد يوماً بإنهاء هيمنة ليفربول محلياً وأوروبيا فإنك تدرك معنى اللعب لغير المال.
وعندما حلق أسود الفرات في أسيا 2007 هادفين لتوحيد بلادهم التي هددها التمزق بسبب الفتن عقب الاحتلال الأمريكي، وقبلها كان التألق في الأولمبياد لرسم ابتسامة على وجه شعب خائف على بلاده … وعندما قرر من جاؤوا ليمثلوا زامبيا عام 1994 بعد وفاة الفريق الأصلي بحادثة طائرة أن يكونوا خير ممثل، ذهبوا بعيداً ليلعبوا المباراة النهائية ويخسروا فيها والجميع في العالم يصفق لهم لا للفائز وإن غطت الدموع وجه المصفقين.. فإن الرياضة حقاً أجمل عندما تجد شيئاً غير المال تلعب لأجله.
ولا ننسى صمود فينس مكمان رئيس لعبة المصارعة WWE في وجه رحيل نجومه لإضعافه وإرهاقه إلى الشركة المنافسة WCW ، لكنه انتصر في النهاية لأن المسألة لم تعد أموالاً بل كرامة ليتوج انتصاره بشراء الشركة المنافسة التي كادت أن تنهي شركة العائلة….وما أجمل قصة عودة لانس أرمسترونغ من السرطان وهو البطل الأسطوري للرياضة الدراجات، لقد عاد رغم المرض ولعب وفاز في سباقات عديدة وأطلق منظمة أسماها Live strong ليدعم مرضى السرطان.
وعندما صمد العملاقان أناتولي كاربوف وكاسباروف عام 1984 في وجه بعضمهما حتى أوقف رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج المواجهات بسبب الخوف على صحتهما، كان الأمر أكثر من مال… كان رجلاً يؤمن بالفكرة الشيوعية وهو كاربوف ضد رجل يؤمن بالفكرة الليبرالية وهو كاسباروف … لم يستسملما وكان مستعدان للموت لأن اللقاء كان أكثر من بطولة عالم وكان أكثر من لعبة شطرنج!.
ولا أجد خاتمة أفضل من الفيديو التالي في الأسفل ليشرح ماذا تعني الرياضي عندما تلعب لشيء أكثر من المال:
عندما يجدون شيئاً يلعبون لأجله غير المال
تابع جديدنا على الفيسبوك: