محمد عواد – سبورت 360 – لويس إنريكي، المدرب الفائز بثنائيات محلية متتالية حتى الآن، والقائد الفني في خماسية 2015، الرجل الذي كان بينه وبين الإقالة مباراة واحدة، لكن كل شيء تغير حتى يومنا هذا، فلم يعد ممكنا الحديث عن إقالته بسبب مباراة أو مباراتين، فقد أعطى إشارات كثيرة على النجاح.
ولكن المدرب يتعرض لانتقادات كثيرة، فخلال الموسم الأول ظهر وكأن الـMSN هم أصحاب الخماسية الحقيقية، وأن كل ما فعله لويس إنريكي هو عقد الصلح مع ليونيل ميسي، وتحرير الثلاثي في الأمام، الأمر الذي قد يكون فيه بعضاً من هضم حقه، بعدما كرر النجاح المحلي في الموسم التالي.
لا يمكن القول إن الفوز بثنائية أقوى دوري مصنف رسمياً في أوروبا مرتين يأتي بالحظ، أو باللاعبين فقط، وإلا لكان فوز الفرق الغنية بالألقاب سهلاً ومضموناً، فاللاعبون في النهاية هم عازفون، يحتاجون مايسترو يخرج منهم أفضل الموسيقى.
نظرة لعمل لويس إنريكي، تجد أنه يحاول فعل شيء، لكن مقارنته بجوارديولا وأفكاره الثورية قد تهضم حقه، لأن المدرب الحالي للبرسا أقل ثورية وأكثر واقعية، كما أنه أكثر بساطة بالأفكار ويحب تطبيق ما يعرفه، وليس تجربة ما لم يسمع به أحد من قبل، في حين أن كرة القدم عند جوارديولا المذهل هي لعبة احتمالات، ولعبة تغيير أحجار بشكل لا متناهي.
لكن برشلونة مع لويس إنريكي له شكل واضح، وله فلسفة واضحة في الدفاع والهجوم، نعم هو يحرر الثلاثي الهجومي بشكل فردي، لكنه بنفس الوقت لا يحررهم بشكل عشوائي، فهناك عمل جماعي واضح بينهم، لا يأتي من باب تفاهمهم فقط، فالـ BBC مثلاً في ريال مدريد يلعبون معاً لمدة سنة أكثر، وما زالت تظهر عشوائيتهم في بعض المواقف بشكل يسيء للأداء، مما يؤكد أن الجودة ليست كل شيء في هذه المسائل.
كما أن واجبات خط الوسط والدفاع في برشلونة واضحة، لكن العيب هنا أنه قلل كثيراً من دور خط الوسط، وبات ناقلاً للكرات أكثر من كونهم أصحاب لمسة قبل أخيرة، رغم أنه يسمح لهم بالتقدم ولعب دور أكبر في المواجهات الكبرى مما يجعلنا نشاهد راكيتيتش يسجل في مباريات مهمة.
تحجيم خط الوسط على الأغلب يأتي بسبب جودة الـ MSN المذهلة، التي تجعل إنريكي واقعاً تحت إغراء جعل وقتهم على الكرة أطول من غيرهم، لكنه عيب بالتأكيد، يظهر في المباريات التي ينخفض فيها مستوى الثلاثي.
ويؤخذ للرجل أنه لا يتوقف عن معالجة العيوب من مباراة إلى أخرى، فنرى تغييرات بسيطة في أدوار لاعبي الوسط أو الدفاع للتحسين، قد تعمل أفكاره في بعض الأحيان، وقد تفشل في أحيان أخرى، فليس هناك مدرب كل أفكاره صحيحة.
صحيح لا تظهر لمسته في الهجوم في معظم الوقت حتى يتحرك خط الوسط أو الدفاع، لأنه من الاستحالة على أي مدرب إظهار لمسته في ظل الثلاثي الرهيب، حتى جوارديولا نفسه مع برشلونة قال موراتي رئيس الإنتر آنذاك عنه “أريد رؤيته من دون ميسي”، لكن هذا لا يعني أنه لا يعمل ويحاول في تحسين الأمور.
لا يمكن وصفه بالعبقري وإن كان بعض من جماهير برشلونة ترغب بذلك، لكنه مدرب جيد جداً لديه أفكار واضحة، وهذا الأمر مناسب للفرق التي تملك الجودة، وعلى الأغلب سيحقق نجاحات في تجاربه القادمة وبالتأكيد تجارب فاشلة مثله مثل أي مدرب، رغم تشبيه برشلونة الحالي ببرسا ريكارد، لكن عمله أفضل من عمل فرانك بمراحل من حيث التنظيم والجهد المبذول، إلا أنه أيضاً بالنسبة لي ليس بمستوى فكر بيب جوارديولا أو يورجن كلوب، أو الفترة الذهبية التي عاشها مورينيو.
لكن كل ما سبق يصعب تصديقه من قبل فئة واسعة من الجماهير بسبب عيوب قليلة، العيب الأول يتمثل بسوق انتقالات تنتقل من فشل إلى آخر، ورغم أن الأمر لا يتوقف عليه وحده بل على إدارة النادي، لكنه تقريباً يخوض الموسم الثاني على التوالي من دون صفقات أساسية باستثناء أومتيتي وفي هذا أمر مقلق، يمنع من تحسين باقي الخطوط.
العيب الثاني والأكبر بالنسبة لي أنه رجل يتوقف عن التفكير في لحظات اشتعال المعارك على ارض الملعب، تجده ينتظر من لاعبيه فعل شيء من دون أن يحاول التدخل، قد تكون المسألة ثقة باللاعبين وقد تكون شخصية تضعف عن التفكير في هذه اللحظات، لكنه إن نجا من لحظات الضغط يستطيع العودة بقوة ويقدم أفكار حاسمة على أرض الملعب.
مثال الفوز على إشبيلية وفالنسيا مؤخراً يظهر ذلك، فالفريق فقد التوازن، كان بمقدور الخصم قتل البرسا، لكن ما إن هدأت المعركة، حتى تدخل إنريكي ببعض اللمسات لتتحسن الأمور ويتم خطف الانتصار.
إلا أنه في مواقف أخرى وقف يتفرج على فريقه يتم تحطيمه مثل مواجهة سلتا فيجو والدقائق الأولى ضد أتلتيكو في الأبطال، وكذلك الحال في الموسم الماضي ضد فالنسيا لم يقم بأي تبديل، فهو تحت الضغط وفي ظل ارتفاع الأدرينالين تجده ينسى ما يجب عليه فعله.
وبالنسبة للمداورة؛ فهناك وجهان لها، فلو كان يبحث عن إراحة اللاعبين فهو يستخدمها بشكل خاطىء غير مبرر وبشكل مبكر، وبالتالي تصبح عيباً ثالثاً تسبب بخسارة بعض النقاط، ولو كان يقصد بها تجهيز اللاعبين الاحتياطيين للفترة الأهم من الموسم، فهو يختار التوقيت الأصعب لفعلها، مما يجعلها أيضاً سلاحاً ذو حدين ضده في هذه الفترة، لكنه لو نجا منها بخسارة نقاط قليلة، فإنه يصل لشهر 2 بفريق جاهز بكافة لاعبيه مما يعطيه أفضلية تنافسية.
هي 3 عيوب أساسية يتم استخدامها بقوة ضده، لكن هذا لا يدفعنا لهضم حقه، لكن بنفس الوقت لا مجال للمبالغة بأن الألقاب تجعله الرقم 1 في العالم، فمن يعرف كرة القدم وينظر اللعب، يعرف أنه ليس الرقم 1، لكنه يعرف أيضاً أنه المدرب المناسب في هذه المرحلة، ولا بد من دعمه بقوة وتوفير الجودة الجاهزة للعب أساسيين مع برشلونة في الموسم المقبل.
لعل الرضا التام عن أي مدرب في الفرق الكبرى شبه مستحيل، فما زلت أذكر الانتقادات لجوارديولا في موسم 2011-2012 بأن عليه أن يرحل لأنه يملك الخطة “ب”، وحتى أنشيلوتي أطلقت الجماهير صافرات الاستهجان ضده قبل أن تتباكى على رحيله، فالتدريب في مستوى معين يصبح إرضاء الجميع فيه غاية لا تدرك.
سناب شات : m-awaad