محمد عواد – سبورت 360 – منذ البريطاني ألا ويلس في أولمبياد 1980، لم يستطع أي أبيض بشرة أن يحمل الميدالية الذهبية الأولمبية لسباق 100 متر، فكانت السيطرة دوماً لأصحاب البشرة السمراء، بغض النظر عن الجنسية، علماً أن عدة اتهامات وجهت لذلك البطل بتعاطي المنشطات.
في الـ NBA يتصدر أصحاب البشرة السمراء السباق التاريخي في عدد النقاط المسجلة والكرات المرتدة والبلوك شوت، في حين يظهر اللون الأبيض جلياً في عمليات الاسيست وصناعة اللعب وكذلك سرقات الكرة.
ومن النادر أن نجد بطل سباحة أسمر البشرة، ولكن لكل هذه القواعد استثناء من وقت إلى آخر،فهل هناك دليل علمي على هذا الأمر؟
في شهر مايو “أيار” من عام 2010، نشرت مجلة سبورتس اليستريتيد الأمريكية تقريراً عن أخر ما توصل له العلم بشأن تأثير الجينات على النجاح الرياضي، وكان المنطلق العلمي في هذا البحث مختلف.
حيث تم اعتماد دراسات حول الاختلاف بين جينات النجوم الكبار في الرياضة مع جينات لاعبين أقل نجاحاً منهم، كذلك تم دراسة الأنسجة العضلية وتركيبها، وخلصت الدراسة إلى أن الفروق بين البطل وغيره في نفس الرياضة، لا تبدو واضحة جينياً.
الباحث البريطاني في جامعة مانشستر متروبوليتان ألون وليامز كان قد تحدث للمجلة، حيث درس 23 جيناً اعتقد أن لها علاقة بالأداء، ليتوصل إلى أن البشر متساوون تقريباً بالحصول على عدد الجينات المثالية، وهو ما يعني أن ذلك التقرير ذهب للقول بأنه ليس هناك دليل حاسم بمسألة العلاقة بين الجينات والنجاح الرياضي، في حين أن المجلة كانت علمية باستنتاجها بالقول “هذا يعني أنه لم يتم الحسم بعد”، ولم تذهب للقول “هذا يعني أنه لا علاقة”.
على كل حال، معهد جاتوريد لعلوم الرياضة نشر تقريراً يبدو مختلفاً بوجهة نظره، حيث جاء فيه هناك عناصر تؤثر على الأداء الرياضي تتأثر بشكل مباشر بالجينات، مثل الطول وحجم العضلات والألياف العضلية وحجم القلب والرئتين والقدرة على استعادة النفس بشكل سريع.
ويضيف ” الجينات تحدد أيضاً سرعة تجاوب جسمك مع التمارين والنظام الغذائي”.
لكن التقرير يتدارك ما سبق ويقول “الجينات هي بمثابة الرسالة التي تحتاج مستقبلاً يعرف قراءتها، فقد يملك الشخص جينات عضلات قوية لكنه لا يتمرن ولا يتناول الطعام الصحيح، وبالتالي سيهدر هذه الفرصة”.
نقطة فهم أولى … هناك أفضلية ولكن !
نتوقف هنا قليلاً كاستراحة مع هذا الموضوع الذي بات يأخذ طابعاً علمياً، وأقول “حتى الآن فهمت الآتي، أن رياضياً مثل أوسين بولت ولد بجينات تعطيه حجم عضلات و قلب و رئتين أفضل من كثيرين غيره، لكن التدريبات وفهمه التكتيك الصحيح و التزامه بنظام غذائي سليم هو ما جعله يصل للقدرة القصوى ويتفوق على أقرانه من حاملي نفس الجينات”.
وأيضاً، أصحاب البشرة البيضاء، يبدو أن عليهم في بعض الرياضات التدرب أكثر من نظرائهم أصحاب البشرة السمراء، بل ربما يجب عليهم أن يتدربوا بطريقة مختلفة تماماً، تتلاءم مع تركيب جسمهم الجيني.
بالتالي المسألة هنا ليست حاسمة، بل هي نعمة، يجب الاستفادة منها، وهي تحدٍ لمن لا يملكها عليه الإصرار أكثر للتعامل معها.
كريستيانو رونالدو وجاريث بيل في عالم كرة القدم مثال حي على قدرة الأبيض أن يصل لسرعة هائلة، لو خضع للتمارين الصحيحة وأظهر الإرادة الملائمة.
كتاب جينات الرياضة .. كلام يزيد المسألة تعقيداً
يعتبر كتاب جينات الرياضة، للكاتب ديفيد إسبتسن من أهم الكتب العلمية في مجال تأثير جينات الرياضة على الأداء.
موقع بزنس إنسايدر كان قد رصد أهم النقاط فيه، وجاء عنه “لا يمكن لبعض الأشخاص من أصحاب تركيبات عضلية معينة أن يصبحوا سريعين، قد يكونوا أفضل من ذي قبل، لكن لن يصبحوا سريعين جداً”.
وجاء فيه أيضاً “رغم اعتقادنا أن الكينيين هم ملوك السباقات الطويلة، لكن الحقيقة إن الملوك في هذا السباق المنحدرون عن قبيلة كالينجين في كينيا والتي تشكل 12% من عدد سكان البلاد، والسبب في ذلك أنهم عاشوا لمئات السنين في مناطق عالية في البلاد ساعدت على تكون معين لديهم بالأقدام والرئتين”.
هذا الكتاب يبدو أكثر شراسة بإعلان أن الجينات تلعب فارقاً، وهو ما يبدو قناعة منتشرة.
رد من صاحب الخبرة وعلم النفس وأمور أخرى
ديفيد ستيرن، رئيس رابطة كرة السلة الأمريكية للمحترفين لمدة 30 عاماً (1984-2014)، له مقطع فيديو مهم على يوتيوب يتحدث فيه عن القضية.
يقول ستيرن “منذ بدأت كرة السلة تأخذ الطابع الاحترافي، كان كثيرون يقولون إنها لن تنجح تجارياً، فهي لعبة للسود في أراضي بيضاء”
ثم يضيف “لكن كرة السلة لم تكن أبداً تتعلق بالجسم فقط، بل هي لعبة تتعلق بالمهارة والقدرات والتركيز”.
وأذكر جيداً مشاهدتي لفيلم وثائقي عن أسطورة كرة السلة الأمريكية لاري بيرد، وأذكر جيداً أن أحد المتكلمين فيه قال “إن لاري بيرد كان أهم الأمثلة لنفي احتكار العرق للعبة ما، إن المسألة أعمق من مجرد جسد”.
فيديو لأفضل لحظات لاري بيرد أسطورة كرة السلة الأمريكية وأبيض البشرة:
الخلاصة .. تساعد بوضوح لكن القواعد وجدت ليتم كسرها والاستثمار الذكي
بعد الاطلاع على عدة تقارير ودراسات علمية ومقاطع فيديو تتحدث عن الأمر، فإن هناك شبه إجماع على أن التركيب الجيني يعطي أفضلية لعرق على آخر، وذلك من رياضة إلى أخرى.
يمكن القول أنه مثلاً في سباق 100 متر، يكون صاحب البشرة السمراء بجينات معينة، أفضل عند بداية التدريب، ويأخذ خطوات إضافية بالفطرة أفضل من صاحب البشرة البيضاء، بل إن تجاوب جسمه مع التدريب قد يكون أسرع أيضاً، لكن هذا لا يعني أن رؤية بطل أبيض أمر مستحيل.
كما ذكرت سابقاً، قد يكون المطلوب نوع تدريب مختلف لهذه البشرة، أو قد يكون الوقت المتاح والنظام الغذائي يحتاج لتعديل وتفريق بين عرق إلى آخر، فالقواعد وجدت ليتم كسرها.
يعتبر البعض أن الرياضي الذي يدخل رياضة متأخراً فيها بالفطرة هو استثمار خاطىء، فمثلاً الكتاب الذي ذكرته أعلاه يشير إلى أن الشعب السوداني مثلاً يستطيع تحقيق نجاحات في السباقات الطويلة ،لكن المشكلة هنا بالإدارة الرياضية وتشجيع الناس على اللعبة.
الجاهزية البدنية ليست كل شيء، فهي الخطوة رقم 1، لكن بعد ذلك يكون الالتزام بالتدريب والنظام الغذائي، ويكون الجاهزية النفسية والذهنية، وكذلك الحال اتقان تكتيكات اللعبة بشكل مثالي.
ويجب أن نتذكر هنا أن العالم لا يتنافس عرق ضد عرق في مجال الرياضة، بل فرد ضد آخر، وهنا يجب الإشادة بالبطل دوماً ولو كان رأي البعض أن العرق ساعده، لأنه بالنهاية عمل أفضل من كل أبناء عرقه وتفوق عليهم وحافظ على تقدمه على الأخرين أيضاً.
سناب شات : m-awaad