محمد عواد – سبورت 360 – أسعار تبدو منطقية، وأخرى غير منطقية، لاعب أفضل من الآخر ينتقل بعرض مالي أقل، ولاعبون يصبحون الأغلى في تاريخ أنديتهم من دون معرفة أسباب ذلك.
فكيف يمكننا فهم تحديد أسعار اللاعبين؟
في الحقيقة إن هناك عدداً كبيراً من العناصر التي تشكل أسعار اللاعبين في هذه الفترة، وهي مجتمعة تشكل خلطة تخلق سعراً للاعب.
أداء اللاعب في أخر موسمين
ويعد أحد أهم العناصر المحددة لسعر اللاعب، فالأداء في أخر موسمين يرفع عادة من سعر اللاعب بشكل واضح، كما أن تراجعه لموسمين يؤدي إلى الانخفاض.
ولا ينصح اقتصاديو الرياضة بشراء لاعب من أجل موسم واحد لأن هذا قد لا يكون إلا صدفة، مثال ما حصل مع جرافيتي فولفسبورج الذي قدم موسماً مذهلاً ثم اختفى.
في حال أظهر اللاعب أداء ثابتاً مميزاً في أخر موسمين ،يصبح خارج دائرة الشكوك، وبالتالي يتم شراؤه، في حين لو كان هناك تذبذباً فإن سعره ينخفض.
لاحظوا مثلاً أن كانتي انتقل مقابل 30 مليون جنيه استرليني، في حين أنه لو كرر نفس الأداء مع ليستر لموسم ثاني، لن يرحل مقابل أقل من 50 مليون، ولو تذبذب سيرحل بمبلغ أقل نسبياً قد يصل إلى 20 مليون جنيه استرليني.
الضجة الإعلامية
لا نقاش بأن الضجة الإعلامية ترفع من سعر اللاعب، وتضخم كثيراً من رغبة الأندية بالتعاقد معه.
الضجة نفسها لا قيمة لها، لكن سنفهم من عناصر تالية نذكرها أهميتها في خلق منافسة عليه، واستعجال بعض الأطراف لشرائه.
هذه الضجة عادة إما تأتي بالصدفة بسبب أداء جيد للاعب، أو حملة إعلامية منظمة من فريق يريد البيع بأعلى سعر، او وكيل أعمال يريد ضمان صفقة جيدة للاعبه.
جنسية اللاعب
الجنسية تلعب دوراً كبيراً في تحديد اسعار اللاعبين في معظم البطولات، وذلك بسبب التعقيدات التي يخلقها وجود لاعب أجنبي أو المخاطرة التي تحول حول صفقته.
فمثلاً أي لاعب أفريقي سيتركك كل عامين ليلعب كأس الأمم، وسوف يسافر كل فترة كي يخوض التصفيات التي تكون معظم مبارياتها على ملاعب سيئة، في حين أن اللاعب الآسيوي لا ينسجم بسهولة مع الأجواء الأوروبية.
القوانين التي تمنع وجود أكثر من لاعب من جنسية غير أوروبية على سبيل المثال، وعوائق ثقافية وسمعة الدول الكروية كلها تساعد على رفع أو خفض أسعاره.
أخر 15 حملوا لقب أغلى لاعب في التاريخ يأتون من جنسيات فرنسية وبرتغالية وبريطانية وبرازيلية و أرجنتينية وإيطالية، وهذه ليست صدفة بالتأكيد.
السيولة المتوفرة في السوق
كلما توفرت السيولة في السوق، ارتفع السعر، هذه قاعدة اقتصادية تطبق على كل شيء وليس فقط في سوق الرياضة.
مثلا شهد صيف الموسم الحالي، توقعات بارتفاع في دخل الأندية في الدوريات الرئيسية لهذا الموسم، ما يقارب مليار يورو بسبب ارتفاع قيم عقود الرعاية والبث التلفزيوني، مما يعني ان هناك مليار يورو إضافية عن المعتاد.
هذه الأموال يتم تقسيمها بين الأندية واللاعبين والوكلاء، وبالتالي هناك حصة تذهب في السوق، وهو ما رفع الأسعار بشكل واضح.
عمر اللاعب وسعر إعادة البيع
مثل أي تجارة في العالم، عندما يستثمر الشخص في آلة أو مبنى، يفكر بقيمة إعادة البيع.
عمر اللاعب يلعب دوراً مهماً في سعر إعادة البيع، وهناك اعتقاد بأن الأندية تقسم اللاعبين لفئات عمرية من هذه الناحية هي (تحت 20 سنة، تحت 25 سنة، تحت 30 سنة، فوق الـ 30) ، ويعتقد أن الفئة الأخيرة قيمة إعادة بيعها تقارب الصفر، في حين أن الفئة التي يزيد سعرها بسبب هذه النقطة، هي فئة 21-25، لأنها تؤدي مباشرة في الملعب، وبعدها يتم بيعها بسعر عالٍ.
أقصى قدراته الممكنة ..Potential
هذه مسألة مهمة جداً لم تكن في الماضي موجودة، فالأندية كانت تشتري اللاعب الشاب مقابل مليون أو اثنين، لأنها لا تعرف كيف سيؤدي وما سيصل له، هذا ما وصفه مورينيو يوماً ما بقوله “اللاعب الشاب مثل البطيخ، لن تعرف مذاقه إلا عندما تجربه”.
مؤخراً، ومع دخول مفاهيم الاقتصاد والاستثمار أكثر إلى عقلية الرياضة،دخل مفهوم القدرة الممكن الوصول لها كمحدد سعر جديد. سعره.
مثلاً، نيمار لم يقدم بسانتوس ما يجعله يستحق مبلغ يقارب 90 مليون يورو ومخالفات قانونية فوقها، لكن اعتقاد برشلونة بأنه يستطيع أن يكون الأفضل في العالم مع تقدم عمر ليونيل ميسي، جعله يأخذ المخاطرة.
كثيرون من اللاعبين الشباب المتوقع منهم شيئاً كبيراً انتقلوا بأسعار كبيرة رغم أنهم لم يؤدوا ما يجعلهم يستحقون ذلك، لكن التوقع بأنهم سيفعلون ذلك هو ما يرفع السعر، وهذا أيضاً من أوجه تبرير صفقة بول بوجبا.
فيديو لبعض ما أبهر به نيمار في سانتوس فألهم برشلونة لدفع أكثر:
الرغبة والحاجة من الطرفين
كلما كان الفريق المالك لللاعب متمنعاً عن البيع، كلما ارتفع سعر اللاعب، في حال كان هناك حاجة ماسة لدى الفريق الذي يرغب بالشراء.
اللاعب النجم بفريقه عادة ينتقل بسعر أعلى من قيمته السوقية، لأن ناديه يجعله يرحل على مضض.
هذه الحكاية جرت مع جاريث بيل، كان توتنهام يريد الإبقاء على اللاعب، ولا يريد بيعه إلا بوصول عرض مجنون، وهذا ما فعله فلورنتينو بيريز، في صفقة ضمت عناصر عديدة مهمة مما ذكرناه سابقاً، الأداء والعمر والجنسية وقدرته على التطور، وهو ما جعله الأغلى في التاريخ حينها.
كلما أدركت بعض الفرق حاجة نادي كبير بالتحديد للاعب معين، كلما تم رفع سعره عليهم، لأنهم يدركون جيداً أنه سيدفع في النهاية.
والعكس صحيح، هناك أندية لديها حاجة ماسة بالتخلص من لاعب معين، وهنا يتم استغلال الموقف مثل زلاتان إبراهيموفتش مع برشلونة وما فعله ميلان بشراء ذكي، أو هناك أندية تعاني مالياً وتحتاج لبيع لاعبيها بأي سعر كان وهذا ما حصل مع بارما مؤخراً.
حجم المنافسة
مثل أي سوق وأي تجارة أيضاً، كلما ازدادت المنافسة على منتج محدود، ارتفع سعره، واللاعب الواحد بضاعة نادرة، لأنه ليس هناك إلا نسخة واحدة منه!
لو تدخلت عدة فرق لشراء نفس اللاعب، يصبح النادي البائع في موقف أقوى للاختيار والمفاوضات، وبالتالي يضمن البيع بأفضل سعر ممكن.
بعض الأندية تستخدم هذا السبب للتلاعب فيه إعلامياً، فيبدأوا بالترويج في الصحف عبر علاقاتهم بأن أندية كذا وكذا تريد اللاعب الفلاني، فيضطر الفريق الذي يريده فعلاً رفع عرضه لضمان عدم الإزعاج.
هذا حدث نوعاً ما مع صفقة أندري جوميز إلى برشلونة، الذي تم ربطه بعدة أندية ودخل برسا الذي كان بحاجة للاعب خط وسط بقوة لحسم الأمور، وهو ما جرى مع دانيلو الذي جعلتنا الصحافة نعتقد أنه برشلوني وفجأة بات بالقميص الأبيض.
وكيل الأعمال
وكيل الأعمال وقوته تلعب دوراً في قيمة الصفقة، لكنه دور ليس فعال في معظم الحالات بشكل إيجابي، إلا لو كان اللاعب أساساً نجماً كبيراً.
وكلاء الأعمال قد يخلقون ضجة لجذب الاهتمام الإعلامي، وقد يذهبون لطريق آخر مفاده خلق صراع بين اللاعب وناديه لتخفيض السعر، وقد تكون لديهم علاقات مع أندية معينة في سوق محددة مما يجعلهم يصرون على رحيل اللاعب إلى هذا النادي فقط، مثلما حدث مع مينو رايولا ومانشستر يونايتد خلال هذا الصيف.
هوية من يشتري
لنفترض الآتي، جاء ريال مدريد وقرر شراء لاعب في نادٍ مغمور لم نسمع به من قبل، فلو كان النادي يحلم بمبلغ 50 ألف يورو، سيطلب مليون يورو، لأنه يعلم أن ذلك لا شيء بالنسبة لخزينة النادي الملكي.
ولو جاء لنفس اللاعب، نادٍ مثل التشي الذي يعاني مالياً، فإنهم سيعطونه إياه بسعر الـ 50 ألف يورو.
واضح جداً أن الأندية الكبيرة تدفع أعلى من قيمة اللاعب السوقية، فهذا أسلوبها لتسريع الصفقات، وهذا أسلوب الأندية الصغيرة للاستفادة من الموقف.
مدة العقد الحالي وقيمة فسخ العقد
حالما يدخل عقد اللاعب في اخر عامين له، يحدث انخفاض مهم في سعر اللاعب، وحالما يقترب من العام الأخير، ينخفض بنسبة تزيد بعض الأحيان عن 50% في ذلك الصيف.
هذا ما يجعل الأندية تحرص دوماً على تجديد عقد لاعبيها، فالمسألة ليست دوماً رغبة بالحفاظ عليه، بل بمنع خروجه من دون إرادة النادي أو تحت الضغوط.
وهناك محدد مهم جداً يجعل سعر اللاعب لا يمكن تجاوزه، وهو قيمة فسخ العقد، وعادة الأندية الكبرى تضع قيمة فسخ عقد مجنونة لا يمكن وصولها، لكن الأندية المتوسطة والصغيرة تضع قيمة منطقية.
وفي الأندية المتوسطة والصغيرة يكون البند لضمان اللاعب خروجه لفريق أكبر حالما يصل العرض، فيما يعرف باتفاقية “الجسر نحو الشهرة”، في حين أن الأندية الكبرى تضع هذا البند لمنع خروج لاعبيها من دون إذنهم.
الندرة
تأتي الصدفة في بعض المواسم، ويكون عدد كبير من الأندية يبحث عن نفس المركز، لنقل مهاجم على سبيل المثال، والمصادفة تكون أن الأندية التي تملك مهاجمين مميزين تريد الحفاظ عليهم.
هذا يخلق حالة من الندرة، يرفع سعر اللاعبين بشكل كبير، وهو أحد أسباب اضطرار اليوفي لشراء هيجواين، لأنهم أرادوا مهاجماً بخبرة وقابل للشراء، ولم يكن لديهم فرصاً كثيرة حقيقية في السوق.
العلاقة بين اللاعب والنادي
كلما ساءت العلاقة بين اللاعب والنادي، كلما انخفض سعره، وكلما أظهر النادي عدم حاجته لهذا اللاعب انخفض السعر أيضاً، والعكس صحيح.
يايا توري مثلاً قبل شهر كان بسهولة يخرج بالمجان، في حين أنه مع تحسن علاقته الآن سيصبح له قيمة تجارية أوضح، وكذلك حال خاميس رودريجيز الذي يتم تجاهله لا يمكن تصور رحيله بأكثر من 50 مليون يورو، مستفيداً من عناصر إيجابية أخرى مثل عمره وشهرته وتوقعات الناس لقدرته، وإلا لانخضت قيمته أكثر من ذلك بكثير.
اللعبة التجارية والترويجية
هناك لاعبون يملكون قدرة ترويجية كبيرة، وعلاقات مهمة في الوسط التسويقي للعبة.
صفقة كريستيانو رونالدو لخصها فلورنتينو بيريز بقوله “أعطانا أكثر مما دفعنا لأجله”، وهذا الكلام له عدة معاني؛ رياضية من خلال مساهمته بلقب دوري الأبطال مرتين، وتجارية من حيث حقوق الصور وغيرها من العقود.
لاعب مثل بول بوجبا يعد مثلاً من أهم لاعبي أديداس الشباب حالياً ، و مانشتر يونايتد تحول إلى قمصان هذه الشركة، وبالتالي اجتمعت عناصر الصفقة المثالية من هذه الناحية.
توقيت الشراء
من يتذكر أنه يريد لاعب في اليوم الأخير من السوق، يتم استغلال حاجته.
ومن يريد شراء لاعب أساسي في فريق معين خلال سوق الانتقالات الشتوية، يتم رفع السعر عليه أيضاً.
والنادي الذي يريد التخلص من لاعب ويصل لليوم الأخير، يستعجل ببيعه بعرض أضعف مما كان يأمل.
عنصر الوقت مهم، فالنادي الراغب بالشراء لو امتلك وقتاً لن يتم استغلاله، فسوف يبحث عن خيارات أخرى، وكذلك النادي الذي يريد البيع يهتم كثيراً بامتلاكه الوقت الكافي لتعويض اللاعب الراحل، فيطلب أكثر كلما قل هذا الوقت.
ومن أوجه التوقيت مثلاً شراء هداف كأس العالم، أو لاعب تألق في بطولة اليورو بعد أن كان غير جاذب للانتباه، فمثل هذا التوقيت يجعل الحماسة له أكثر، ويرفع سعره.
العلاقات العامة!
وهذا نوع من الصفقات صعد نجمه في القرن الحالي فقط، صفقة يريد منها النادي إيصال رسالة معينة.
هنا تدخل أيضاً صفقات مثل هيجواين وبول بوجبا، اليوفي أراد إظهار قدرته لجماهيره على جلب النجم مثلما يخسرهم ، في حين أراد مان يونايتد إظهار أنه مستقر اقتصادياً رغم الاخفاقات الرياضية ليطمئن شركاءه.
هذا البند لا يعني أن الأندية ترمي أموالها بغباء، لكن لنقل أن هيجواين سعره الطبيعي 60 مليون يورو بناء على أدائه و عمره، وبسبب الندرة أضاف 15 مليون يورو، لكن ربما بسبب الرسالة التي يريد اليوفي منها تطمين الجميع وافق على دفع 10 مليون يورو إضافية، مما جعله قريباً من فسخ العقد وهو ما رفع الصفقة لـ 90 مليون يورو.
كيف نستخدم ما سبق؟
ليس هناك عنصر مسيطر، لكن هناك عنصر اهم من عنصر، ما يتعلق بالأداء والمستوى الممكن الوصول له ومدة العقد الحالي والعلاقة بين اللاعب وناديه، تعد عادة العناصر المسيطرة على الرأي الأول.
بعدها، يجب دراسة كل حالة لوحدها، لنفهم كيف يتم تركيب الصفقات، ولماذا نرى صفقات غريبة بعض الأحيان، لكن الأندية تقوم بالتوقيع عليها بلا تردد، وهي التي تملك الخبراء والمختصين.
مثلاً، قلت أعلاه لا أعتقد خاميس سيتم بيعه بـأكثر من 50 مليون يورو ، لكن ماذا لو كان هناك بحاجة ماسة للاعب بمركزه، هنا قد يجد ريال مدريد فرصة للتفاوض ورفع السعر.
كلما رأينا صفقة رنانة، المطلوب فقط عمل قائمة تحقق، ولنقل أن الصفقة التي تحقق أكبر عدد من النقاط السابقة، هي الصفقة التي يرتفع سعرها أكثر من المتوقع.
سناب شات : m-awaad