– اعتاد كثيرون وصف ما يقوم به بايرن ميونخ من شراء مواهب الأندية المحلية أو التعاقد معها، بأنه إضعاف للأندية الأخرى وتحطيم للبطولة المحلية ، وللأسف تكرر وسائل إعلام ذلك أيضاً.
– لنتوقف مع أخر الصفقات، جوريتسكا ، اللاعب كان راحل لا محالة عن شالكه ، والوجهة ما بين اسبانيا وانجلترا أو بايرن ميونخ ، فهل لو رحل لليفربول مثلاً كان شالكه لن يقل قوة ؟ وهل كان بايرن ميونخ عاجز عن شراء لاعب من الخارج في خط الوسط، وهو لديه فعلاً فيدال وتوليسو وخاميس وثياجو ، وهم لاعبون في خط الوسط تم جلبهم من خارج الدوري الألماني.
– بالتالي قصة أن بايرن لو حصل على موهبة نادي أخر، قررت الرحيل بالفعل، تعتبر إضعافاً للدوري غير صحيحة، لأن الموهبة كانت ستخرج بكل الأحوال، وبايرن كان سيجلب لاعباً من الخارج في النهاية.
– هل بايرن ميونخ متفوق بفارق كبير عن الآخرين ؟ نعم ، هل ضامن للقب قبل أن يبدأ ؟ نعم أيضاً، لكن هذا شر لا بد منه، كي تقوم الأندية الألمانية الأخرى بتغيير سياستها وطموحها.
– في ايطاليا مثلاً، سيطر يوفنتوس على الدوري الإيطالي لدرجة الملل، 6 مرات متتالية، لكن في المقابل رأينا تغيراً لافتاً في سياسة نابولي الباحث عن الألقاب، رفض أموال طائلة مقابل معظم نجومه، وحافظ على كوليبالي وانسيني وميرتنز، والوحيد الذي خرج كان بموجب فسخ عقد هو هيجواين .. لأنهم عرفوا أن الطريق الوحيد لمنافسة يوفنتوس هو الإبقاء على اللاعبين، وبالتالي استفاد نابولي أيضاً واستفادت ايطاليا ، لأن إنتر ميلان قرر التغيير، وروما استنجد بمونتشي، الجميع يعلم هناك أن إيقاف يوفنتوس يحتاج عملاً ولا يحتاج فقط للتباكي لأنه أقوى منهم.
– بعد فترتي سيطرة برشلونة شبه المطلقة؛ الأولى مع كرويف والثانية مع جوارديولا، كان ريال مدريد ينتفض، ويتوقف عن جلب أشباه النجوم، ويجلب نجوم قادرين على حمل المسؤولية، فماذا كانت النتيجة ؟ .. حمل 3 ألقاب دوري أبطال في المرتين، الأولى ما بين 1998-2002 والثانية 2014-2017، وفي المرتين كانت مباشرة بعد رحيل صانعي برشلونة الرهيب، صحيح عانى الريال لفترة لكنه استفاد أيضاً.
– سيطرة بايرن ميونخ بفارق كاسح، هي عصر الظلام الذي لا بد منه، الأندية الألمانية بالغت بهوسها مؤخراً بسياسة اللاعبين الشباب، وبالغت بمثاليتها الزائدة عند بيع لاعبين بأسعار عادية لأندية خارجية لا تناسب أسعار اليوم، وبالغت بعدم العمل بقوة على الترويج والتسويق لرفع قيمة علاماتها التجارية منفردة، ورفع أسعار حقوق البث، علماً أن الكرة في الدوري الألماني جميلة جداً ، والأجواء كذلك، ولا ينكر ذلك ، إلا من لا يشاهد مبارياتهم.
– تفوق بايرن ميونخ كما قلت فترة غير جيدة للبطولة لغياب المنافسة عليها، لكنها ستدفع الأندية الأخرى للعمل بجد أكبر، لمواكبة العصر بشكل أسرع، وبالتالي هي مثل الجرح الذي لا بد منه، سنرى مبالغة بأسعار اللاعبين الخارجين إلى انجلترا واسبانيا، وهذا يعني سيولة يتم استثمارها أكثر داخلياً، لصناعة فرق أقوى، تستطيع بالنهاية إيقاف هذه السيطرة، ولا أعتقد أن الأمر سوف يستغرق أكثر من عامين أو ثلاثة.
– ما يجري حالياً يضمن صالح المنتخب، وضع عدد أكبر من لاعبي المانيا في الفريق الوحيد القادر على المنافسة أوروبياً، وهذا يكسبهم الخبرة والحدة، وعلى المدى الطويل، سوف تتكرر قصة نجاح دورتموند وفرق أخرى، لتؤمن المزيد من اللاعبين للمنتخب، وبالتالي لا قلق على هذا الجانب.
– باختصار، الكلام بأن بايرن بحصوله على المواهب يضعف الأندية الأخرى منقوص المنطق، لأن النتيجة كانت ستكون واحدة، بخروج المواهب المؤكد لغيره، وبقدرته على جلب غيرهم من الخارج .. والمسألة الثانية أنها فترة صعبة نعم ونتفق على ذلك، لكنها ضرورية لتجبر الأندية الألمانية على تعزيز طموحها وتطوير أسلوبها لمنافسة العملاق البافاري، وكذلك نموذج عملها التجاري.
احسنت استاذ