أصبح الدوري السعودي ثاني أعلى دوري في أسيا من حيث القيمة السوقية للاعبيه، وذلك بعد النشاط الكبير الذي قامت به الأندية هناك، ويعد هذا الرقم من المعايير المهمة لقياس جودة الأفراد، ما يعني جودة كرة القدم المتوقعة في البطولة.
لا شك بأن رفع عدد الأجانب في الدوري السعودي مفيد للغاية، وهو نعمة حقيقية وقرار جريء كسر المحرمات التقليدية في تفكير إدارات كرة القدم العربية، فهو يعني مستوى أفضل، ما يعني جماهير أكثر، وما يعني تنافسية أعلى، وبالتالي رغم أنها قد تؤثر على فرصة اللاعب السعودي “المعتادة” مؤقتاً، لكنها ستوفر له على المدى الطويل احتكاكاً كبيراً وصقلاً سريعاً لمواهبه، واختباراً حقيقياً لقدراته.
هذه النعمة يجب ألا تتحول إلى نقمة، والنقمة التي أتحدث عنها هنا “الكسل”، وذلك من نواحي عديدة:
– الكسل في البحث عن لاعب محلي يحل المشكلة
من المفهوم أن يكون التحرك في الصيف الأول إلى اللاعب الأجنبي لمعالجة أي عيب، لكن لاحقاً يجب أن تفهم الأندية أن عليها البحث عن لاعب محلي قبل الأجنبي، فهو عادة أطول ديمومة معها وأقل تكلفة وأسهل تعاقداً، لذلك لا بد من ثقافة المسؤولية لدى إدارات الأندية، بأن عليها واجب تجاه اللاعب السعودي بقدر واجبها تجاه بناء فريق قوي.
– الكسل التكتيكي
حالة ربما لمستها من بعض التعليقات في شبكات التواصل الاجتماعي، فهناك قناعة تم خلقها بأن القالب ثابت، ويجب البحث عن لاعبين ينسجمون معه، وليس العكس.
الكسل التكتيكي هذا مكلف، فمثلاً لو كان الفريق بحاجة لمهاجم من نوعية معينة، وهذا المهاجم مكلف، فلا بد من البحث عن حل في الملعب بدلاً من حل في السوق، ما يوفر على خزينة النادي مالياً.
يجب أن نتذكر هنا أن غالبية المدربين من الأجانب، وبأجور عالية وخبرات ممتازة، والمتوقع منهم عمل يخلق إضافة، وليس فقط وضع اللاعبين الجيدين في القالب الجاهز، فهذا أمر يستطيع المدرب المتوسط القيام به.
– كسل في صناعة المواهب
مرحلة اللاعب الأجنبي المسيطر على التشكيل، هي مرحلة مؤقتة مطلوبة لسنوات قليلة قادمة، يتم من خلالها رفع الجودة في البطولة، ورفع سمعتها عالمياً وإقليمياً، لكن خلال هذه المرحلة المؤقتة من المفترض أن تعمل كل الأندية في كافة المناطق على صناعة خط إنتاج موازي للمواهب.
لا بد من أن تفهم هذه الأندية أن أجر لاعب أجنبي واحد لموسم واحد، قد يكون بتكلفة إدارة أكاديمية جيدة جداً لمدة سنة، والفارق أن الأكاديمية قد تقدم لك مع الزمن عدة لاعبين وليس لاعب واحد، وهذا استثمار ناجح من دون تعب وطويل الأمد.
لذلك لا بد أن يرافق قانون الأجانب قانوناً للفئات السنية في الأندية وتطويرها واضح المعالم، إلزامي، وشرط من شروط المشاركة في الدرجة الممتازة والأولى، يتضمن ذلك المنشآت ونظام التدريب من حيث الساعات وتوفير المباريات، ونوعية المدربين المتوفرين وشهاداتهم وخبراتهم، حتى لا يكون توفر الأجنبي حلاً أسهل لكثيرين.
الخلاصة:
رفع عدد اللاعبين الأجانب مضمون النتيجة من حيث جودة الكرة، والجذب، وتوفير الاحتكاك للاعب السعودي، وكإحصائية بسيطة، فاللاعب المحلي الذي يستطيع النجاة وفرض نفسه في مثل هذه الأجواء التنافسية، سيكون جاهزاً لتمثيل القميص الوطني من دون خوف أو رهبة.
ولو افترضنا أن كل فريق قدم لاعبين اثنين فقط من هذا النوع، سيكون لدى المنتخب 32 لاعباً جاهزاً لتمثيله بشكل جيد، وهذا رقم ممتاز للغاية، يعطي المدرب فريقاً أساسياً واحتياطياً وقائمة انتظار.
لكن، بجانب ذلك، لا بد للنظر إلى الجانب الاقتصادي طويل المدى، وإلى الجانب الاستراتيجي من الموضوع، فكان لا بد من التحذير من بعض أنواع الكسل التي قد تنشأ بسبب توفر اللاعب الأجنبي القادر على العطاء، حتى لا تتحول تلك النعمة الجريئة إلى نقمة.
كتبه : محمد عواد