محمود وهبي – ربما لسنا بحاجة للكثير من البحث إن أردنا تسمية أفضل الأندية في اكتشاف المواهب الصاعدة، لأن إسم دورتموند سيفرض نفسه بينها، فهو لجأ إلى ثقافة الاعتماد على النجوم الصغار منذ سنوات، ونجح بشكل كبير، لكن نجاحه في تطبيق هذه الثقافة لا يعني نجاحه في الطريق نحو منصات الألقاب.
قائمة دورتموند الحالية تضم 9 لاعبين يبلغون من العمر 20 عاماً أو أقل، ولا أتحدث هنا عن لاعبين هامشيين يجلسون على الدكة، إنما عن أسماء مثل سانشو وهولاند وريينا وبيلينجهام، والظاهرة الجديدة يوسوفا موكوكو، مع العلم أن هولاند وسانشو هما اللاعبان الأغلى في العالم بين مواليد الألفية الجديدة، مع وصول قيمتهما السوقية إلى 100 مليون يورو.
دورتموند يحقق مكاسب مادية باعتماده على اللاعبين الشباب، فهو لا ينفق الكثير على شرائهم، وحقق أرباحاً ضخمة في عدة صفقات، كصفقة بيع عثمان ديمبيلي وكريستيان بوليسيتش، والنادي يحاول الخروج من مسمّى “دكان” الأندية الكبرى، فهو نجح بالتصدي لمحاولات خروج سانشو مثلاً، لكن دورتموند لم يتقدّم فنياً رغم نجاح أفكاره، لا بل اقترب من خسارة مسمّى “الملاحق الأول” لبايرن، لمصلحة لايبزيج.
هناك الكثير من المشاكل في كواليس دورتموند، والبعض يوجّه أصابع الاتهام إلى لوسيان فافر، لكن المشكلة أعمق من ذلك، وتصل إلى “ضعف الشخصية” و”النفس القصير”، فلا يمكن لفريق يريد المنافسة أن يتعثر 4 مرات في 10 جولات، وأن يسقط أمام الجريح كولن كما حدث في الجولة التاسعة، في مباراة انتظر فيها الإعلاميون تفسيرات قادة الفريق، فلم يحضر ماركو رويس حامل شارة القيادة، وكذلك ماتس هوملز صاحب الدرجة الأعلى من الخبرة.
إنجازات دورتموند في المواسم الأخيرة اقتصرت على المباريات، فهو هزم سان جيرمان والإنتر وأتلتيكو مدريد وتوتنهام أوروبياً، وهزم بايرن في الدوري وفي السوبر وفي الكأس، لكنه لم يحقق منذ رحيل يورجن كلوب سوى لقبيْن، أولهما في البوكال عام 2017 بهدفيْن لديمبيلي وأوباميانج، وثانيهما لقب المباراة الواحدة، أي السوبر.
دورتموند أبهر العالم الكروي بأسره تحت قيادة كلوب الذي أسّس فريقاً متكاملاً في شتى الجوانب، ودورتموند الحالي يشبه دورتموند الماضي في البعض القليل من المناسبات، لأن الصورة العامة اختلفت كلياً، فدورتموند الحالي، وبكل الأمور الجميلة فيه، ليس سوى عداء سريع جداً لا يصل إلى خط النهاية.