محمود وهبي – عندما نشاهد فيلماً أو مسلسلاً أو مسرحية، غالباً ما تبقى في أذهاننا تفاصيل المشاهد الأخيرة، أو بالأحرى كيف انتهت الحكاية، أكثر من تفاصيل العمل بأكمله، وهذا ينطبق على يواكيم لوف، المدرب الذي بدأ كتابة حكايته مع المنتخب الألماني عام 2006، وترك سطوراً بغاية الجمال والنجاح، لكنه خسر كل أفكاره وخياله قبل كتابة المشهد الأخير من الحكاية.
لوف وصل إلى نهائي يورو 2008، ونصف نهائي كأس العالم 2010، ونصف نهائي يورو 2012، وفاز بكأس العالم 2014، ومن ثم وصل إلى نصف نهائي يورو 2016، ثم فاز بكأس القارات 2017، ولا يمكن وصف هذه النتائج سوى بالمرضية جداً لمدرب واحد مع منتخب واحد، قبل أن يأتي منعطف روسيا وما بعده، حيث تحوّل لوف من بطل إلى شخصية وُجّهت إليها كل أصابع الاتهام.
هذا المنعطف لم يأتِ عبثاً، فكان هناك الكثير من الأسباب، ولوف يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية خفوت نجم المانشافت بعد 2018 بخياراته وأفكاره التي لاقت استغراب الفئة الأكبر من المتابعين، ولا أريد الانغماس في هذه الخيارات، وسأتوّقف فقط عند إرث لوف مع المانشافت، الإرث الذي يقف اليوم على حجر واحد، وهو حجر اليورو في الصيف المقبل.
الإعلامي الألماني الشهير كريستيان فالك ذكر قبل أيام أن لوف سيتنحّى عن منصبه بعد اليورو، بغضّ النظر عن النتائج، وربما يأتي هذا التصرّف تحت عنوان “أتغدّاكم قبل ما تتعشّوني”، ما يعني أن العام 2021 هو بلا شك عام الوداع، وهناك 3 سيناريوهات محتملة لما سيحدث بإرث لوف:
1- السيناريو الأول، فشل ذريع لألمانيا في اليورو، وهذا سيحوّل لوف إلى مجرم حرب، بالمعنى الكروي، وسيضع الإتحاد الألماني الذي سانده تحت المقصلة.
2- السيناريو الثاني، ظهور مقنع وجيد لألمانيا في اليورو، وهنا سيغادر لوف من الباب الأمامي، لأنه لم يفشل كما توقع الكثيرون، ولأن تاريخه سيشفع له.
3- السيناريو الثالث والصعب، فوز ألمانيا باليورو، وهنا سيتحوّل لوف إلى بطل قومي، المدرب الأفضل في تاريخ ألمانيا، ولربما في تاريخ المنتخبات ككل.
في الختام، النمط الذي سلكه لوف منذ المونديال الروسي يؤكد أنّه لا يملك عصا سحرية، خاصة أمام الوقت الضيق قبل اليورو، لكن هناك صورة عامة فيها معنى أكبر، وهو إرث المانشافت، المنتخب الذي اعتاد على دخول أي بطولة كبرى للفوز بها، المنتخب الذي اعتاد على الوقوف أقوى بعد كل كبوة.
