مقال الاثنين .. تاريخ انتهاء بيب جوارديولا


محمد عواد – “هذا المدرب منتهي”، كلمة نسمعها كثيراً، وتعني عادة أن هذا المدرب فقد تأثيره، ولم يعد قادراً على المنافسة في عالم كرة القدم المتغير باستمرار، وبات مناسباً أكثر لتسيير الأعمال وتحقيق أهداف قليلة الطموح، دون أي توقع منه لتحقيق الألقاب.
ودائماً أتساءل مع نفسي “جوارديولا مدرب خلق ثورة، جعل كثيرين يشاهدون كرة القدم من منظور آخر .. فمتى ينتهي؟”.. لكن المقال ليس عن جوارديولا بل عن المدربين بشكل عام.
لفت انتباهي كلام أنشيلوتي يوم أمس عن توخيل، عندما قال “هو مدرب شاب، يهتم بالتفاصيل كثيراً، أنا أكبر منه عمراً، وما زلت أملك الطموح، لكنه يهتم بالتفاصيل أكثر”.
وقرأت مرة دراسة تتعلق بلعبة الجولف، تقول إن الممارس المحترف الجديد يغامر بكرات أكثر من الخبير، وقد تصيب معه بعض هذه المغامرات ويحقق ألقاباً بفضلها، لكنه مع الزمن يفقد الرغبة بهذه المغامرة، لإدراكه أنها لا تصيب دائماً، ويبدأ بالميل أكثر للضربات المضمونة.
هذه الحالة تصيب أي إنسان فينا، مع مضي الوقت، يبدأ بتجريب الأهم والأكثر تأثيراً، لا يعطي بعض التفاصيل أهمية، يحدث معنا في عملنا اليومي وحتى في علاقاتنا مع الأصدقاء والأقارب.
ربما حالة الخبرة هذه سبب عدم تكرار ميسي لهدفه الخرافي مع خيتافي، أو مارادونا لهدفه الخرافي مع إنجلترا.
المدرب يفقد تأثيره بشكل حتمي مع الزمن، عندما يبدأ بالاهتمام بشكل أقل وأقل بالتفاصيل، وهذا يجعله على مسافة من لاعبيه، ويجعله غير قادر على تطوير بعض الأسماء، وينسى أن اللاعبين الذين معه ليسوا بنفس خبرته، ويحتاجون لتدخله.
قد تكون النقطة السابقة هي نفسها سبب فشل معظم النجوم الكبار في التحول إلى مدربين ناجحين، لأن بعض الأمور التي تعتبر مسلمات بالنسبة لهم، هي صعبة على الآخرين، لكن هؤلاء النجوم لا يعتقدون أنه ينبغي تعليمها .. في حين أنها في الواقع مهمة جداً للاعبين الأقل جودة.
هناك عنصر آخر يساهم بتاريخ انتهاء أي مدرب، وأتحدث عن فارق العمر، مع الزمن يصبح هناك فارق عمري كبير بينه وبين فريقه، لا يعود مالكاً لنفس الكلمات التي تؤثر بالجيل الجديد، ولا يدرك لغة الخطاب أو التعامل التي يحتاجونها ليخرجوا أفضل ما لديهم.
المسألة لا تتعلق بفهم كرة القدم أو تعقيداتها، فهم يتعلمونها يومياً، ولديهم فريق فني متجدد يساعدهم، لكنها تتعلق أكثر بتراجع اهتمامهم بالتفاصيل وهذه ضريبة العمر، وتتعلق المسألة أيضاً بافتقادهم اللغة المطلوبة لدى لاعبيهم، لذلك يبقى السير اليكس فيرجسون ظاهرة تدريبية.
جوارديولا الذي يعيش أفضل أيامه، وغيره من المدربين الذين يعتبرون حلماً لكثيرين هذه الأيام، جميعهم سيأتيهم يوماً ليكتب عنهم شاب في السوشيال ميديا “هذا المدرب منتهي”، لأن من تابع كرة القدم شاهد قبلهم كثيرين جاءتهم لحظة “الانتهاء” بعد أن كانوا حلماً.. فسنة الحياة تداولها بين الناس.

تابع الكاتب في شبكات التواصل :

انستاجرام : @mohammedawaad




Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *