الاتفاق ليس مفيداً دوماً كما يعتقد البعض، فالاختلاف قد ينتج عنه ما هو أجمل للعالم، والشقاق قد يخلق تطوراً كبيراً لدى الطرفين، فيستفيد الناس من حولهم.
هذه الحكاية تنطبق على كرة القدم، فالتاريخ يروي خلافات مهمة حدثت، نتج عنها انشقاق واستقلال، فكانت النتيجة أننا نشاهد الآن مباريات عظيمة وأندية كبيرة.
ولتكن البداية مع لاتسيو، النادي الذي رفض الانصياع لأوامر النظام الفاشي بتوحيد أندية روما ليكون هناك فريقاً واحداً قوياً يمثل العاصمة، فدافع عنه أحد قادة الفاشية الذي كان يشجع لاتسيو، ونجح بإقناع النظام المركزي بإبقاء ناديين؛ نادٍ مجمع بناء على رغبة النظام الحاكم هو روما والنادي الذي كان قائماً وهو لاتسيو .. فبات لدينا ديربي روما!
ولولا الخلاف لما امتلكت المانيا بايرن ميونخ، الذي يعد أعظم أنديتها في كل البطولات المحلية والقارية، فهذا النادي تأسس على يد 11 لاعباً عام 1900، رفضوا أوامر إدارة ناديهم “MTV 1879” بعدم الانضمام إلى الاتحاد الألماني لكرة القدم، فانشقوا وأسسوا بايرن ميونخ.
ولولا اختلاف رئيس نادي إيفرتون جون هولدينج مع أعضاء الإدارة حول الرحيل إلى ملعب جوديسون بارك، لما بادر جون لتأسيس نادي ليفربول وجعله يلعب في المكان الذي أراده .. الأنفيلد، ليكون لدينا ديربي رائع ونادٍ عظيم.
ومن المعلوم أن أتلتيكو مدريد تأسس على يد بعض الباسكيين، ليكون فرعاً لأتلتيك بلباو في مدريد، لكن المؤكد أن قوة هذا النادي وشعبيته في العاصمة ما كانت لتصل إلى ما هي عليه، من دون انشقاق بعض أعضاء نادي ريال مدريد عام 1904، ليبدأ خلاف الديربي المدريدي الجميل الذي نشاهده الآن.
عربياً، ما كان ليكون هناك نادٍ اسمه الهلال السعودي، لولا خلاف بين عبد الرحمن بن سعيد وأعضاء في إدارة نادي شباب الرياض، وذلك لايقاف 3 لاعبين خالفوا التعليمات الادارية، حيث أرادت الإدارة تجاهل العقوبة، لكن ابن سعيد أصر عليها، فانشق وأسس الهلال .. الزعيم!
عودة من حيث بدأنا، عودة إلى إيطاليا، فتخيلوا هذه البلاد من دون ديربي ميلانو، ومن دون إنتر ميلان، هذا ما كان سيحدث، لولا خلاف بين أعضاء في نادي ميلان للكريكيت وكرة القدم.
فقد كان منهم الطليان والسويسريين، لكن النادي بات تحت سيطرة إيطالية مطلقة؛ إدارياً وحتى من حيث اللاعبين، فانشق رافضوهذه الفكرة، وأسسوا نادياً أعطوه الصفة الدولية في اسمه .. انترناسيونال!
تلك جولة سريعة حول خلافات كانت نتائجها جميلة، لأن حل الخلاف ما كان بتدمير، بل كان بالبناء … فلنتعلم!
تابع الكاتب على الفيسبوك وتويتر: